وإنكار أبي علي أن يرتفع ما بعدها مردود بحكاية أبي الحسن وقطرب له ، وإذا قيل : «بله الزيدين ، أو المسلمين ، أو أحمد ، أو الهندات» احتملت المصدرية واسم الفعل.
ومن الغريب أن في البخاري في تفسير «ألم» السجدة : يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ذخرا من بله ما أطلعتم عليه.
واستعملت معربة مجرورة بـ «من» خارجة عن المعاني الثلاثة ، وفسّرها بعضهم ب
______________________________________________________
هذه الحالة مع خفائها وعزة الوصول إليها فكيف حال الأكف التي هي ظاهرة يوصل لها بسهولة؟ وعلى رواية النصب أنها تترك الجماجم على تلك الحالة دع الأكف فأمرها أيسر وأسهل ، وعلى الجر أنها تترك الجماجم ترك الأكف منفصلة عن محالها كأنها لم تخلق متصلة بها ، (وإنكار أبي علي أن يرتفع ما بعدها مردود بحكاية أبي الحسن وقطرب له) والمثبت مقدم على النافي ، (وإذا قيل : بله الزيدين) بكسر النون على أنه مثنى ، (أو المسلمين) بفتحها على أنه جمع ، (أو أحمد أو الهندات احتملت المصدرية) فتكون الياء والفتحة والكسرة علامة لجر الاسم الذي أضيف إليه المصدر (واسم الفعل) ، فتكون تلك العلامات لنصب المفعول به المنصوب باسم الفعل ، وهذا ظاهر لا إشكال فيه ، (ومن الغرائب أن في البخاري في تفسير «ألم السجدة» يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، ذخرا من بله ما اطلعتم عليه» (١) ، فما استعملت معربة مجرورة بمن وخارجة عن المعاني الثلاثة ، وفسرها بعضهم بغير وهو ظاهر) وأقول : نص ابن التين في شرح «البخاري» على أن بله ضبط بالفتح والجر وكلاهما مع وجود من ، فأما الجر فقد وجهه المصنف ، وأما توجيه الفتح فقد قال الرضي : وإذا كان بله بمعنى كيف جاز أن يدخله من حكى أبو زيد أن فلانا لا يطيق حمل الفهم ، فمن بله أن يأتي الصخرة ، أي : كيف ومن أين هذا كلامه ، قلت : وعليه تتخرج هذه الرواية فتكون بمعنى كيف التي يقصد بها الاستبعاد ، وما مصدرية وهي مع صلتها في محل رفع على الابتداء ، والخبر من بله والضمير من عليه عائد على الذخر أي : كيف ، ومن أين اطلاعكم على الذخر الذي أعددته لعبادي الصالحين ؛ فإنه أمر قلما تتسع العقول لإدراكه والإحاطة به ، والذخر بالذال المعجمة مصدر ذخرت الشيء أي : أخذته واتخذته وهو منصوب على المصدر ،
__________________
(١) أخرجه البخاري ، كتاب تفسير القرآن ، باب قوله : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ ...) (٤٧٨٠) ، ومسلم ، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، باب (٢٨٢٤) ، وأحمد (٩٦٨٨).