وقول الحماسي [من البسيط] :
٢٠ ـ لو كنت من مازن لم تستبح إبلي |
|
بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا |
إذا لقام بنصري معشر خشن |
|
عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا |
فقوله : «إذا لقام بنصري» بدل من «لم تستبح» ، وبدل الجواب جواب ؛
______________________________________________________
عبد العزيز هو بعض الخلفاء الأمويين ، والضمير في مثلها عائد إلى المقالة التي قالها عبد العزيز لهذا الشاعر ، وذلك أنه امتدحه بقصيدة ، فأعجب بها فقال له : تمن أعطك ، فتمنى أن يكون كاتبا له فلم يجبه الخليفة ، وأعطاه جائزة يقول : إن عاد لي الخليفة بمثل تلك المقالة ، وأمكنني منها لم أقله منها ولم أرض بخلافها كما فعلت أولا ، قلت : إيراد المصنف هذا البيت شاهدا لوقوع إذن جوابا لأن مخالف للقاعدة المشهورة ، وهي أن القسم والشرط متى اجتمعا فالجواب للسابق منهما ، واللام التي في البيت هي التي تصحب قسما مذكورا قبلها أو مقدرا وهو هنا مذكور ، فإن قبل هذا البيت :
حلفت برب الراقصات إلى منى |
|
يغول الفيافي نصها وذميلها |
فيكون الجواب الملفوظ للقسم لا للشرط ، ولهذا لم يجزم الفعل ، وإلا فلو كان للشرط لجزم ، والراقصات صفة للإبل ، وإلى منى متعلق به ، ويغول بغين معجمة ، أي : يهلك والمراد به هنا قطع المسافة بسرعة ، جعل ذلك إهلاكا كاللأرض على سبيل الاستعارة ، والفيافي المفازات التي لا ماء فيها ، وفي بعض النسخ البوادي ، والنص والذميل بذال معجمة ضربان من السير.
(وقول الحماسي) بالجر عطفا على مجرور الكاف المتقدم ، والحماسي بفتح الحاء المهملة نسبة للحماسة وهي كتاب فيه جملة من أشعار العرب ، جمعها أبو تمام الطائي الشاعر المشهور :
(لو كنت من مازن لم تسبح إبلي |
|
بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا (١) |
إذن لقام بنصري معشر خشن |
|
عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا |
فقوله إذن لقام بنصري بدل من لم تستبح ، وبدل الجواب جواب) فيحسن الاستشهاد به حينئذ ، ولكن الاستشهاد بقوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ) [الإسراء :
١٠٠] أولى لأمرين :
أحدهما : الجري على عادة المصنف في الاستشهاد بالقرآن ما أمكنه.
__________________
(١) البيتان من البحر البسيط ، وهما لابن نباتة المصري ، انظر : خزانة الأدب للحموي ١ / ٣٠٦ ، والمثل السائر ٢ / ١٠٠ ، وديوان الحماسة ١ / ٤.