والأكثر أن تكون جوابا لـ «إن» أو «لو» ظاهرتين أو مقدّرتين ؛ فالأول كقوله [من الطويل] :
١٩ ـ لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها |
|
وأمكنني منها إذا لا أقيلها |
______________________________________________________
منه أنه ليس المراد من الجزاء في قولهم حرف جواب وجزاء ما يراد بجزاء الشرط من كونه مسببا عن شيء واقع بعد أداة الشرط المفيد للتعليق ، بل المراد ما هو أعم من ذلك فتأمله.
وقال في تفسير قوله تعالى في السورة المذكورة (قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (٤٢) [الشعراء : ٤٢] ولما كان قوله : (إِنَّ لَنا لَأَجْراً) [الأعراف : ١١٣] في معنى جزاء الشرط لدلالته عليه ، وكان قوله : (وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) معطوفا عليه ومدخلا في حكمه ، دخلت إذا عليه تارة في مكانها الذي تقتضيه من الجواب والجزاء ، إلى هنا كلامه.
وفي «المفصل» : وإذن جواب وجزاء يقول الرجل : أنا آتيك فتقول : إذن أكرمك فهذا الكلام قد أجبته به وصيرت إكرامك جزاء له على إتيانه ، انتهى.
وأما قول المصنف في الوجه الأول ، وهو أنه المراد بها ما يراد من جواب الشرط ويؤيده تسميتها جزاء مثله ، فهذا لا تأييد فيه وكيف وهو يلزم منه في قولهم حرف جواب وجزاء عطف الشيء على مرادفه ، وهو خلاف الأصل ، وأما استناده إلى قولهم : لا بد قبلها من شرط ملفوظ به أو مقدر فظاهر ، لكن قال الرضي : وإنما قلنا بكون الغالب في إذن تضمن الشرط ، ولم نقل بوجوبه كما أطلق النحاة ؛ لأنه لا معنى للشرط في قوله تعالى : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء : ٢٠] (والأكثر أن تكون) إذن (جوابا لإن أو لو ظاهرتين أو مقدرتين).
فإن قلت : إذن ليست نفس الجواب قطعا ، فإن أراد المصنف أنها رابطة الجواب بالشرط فقد عاب هو على المعربين قولهم : الفاء جواب الشرط موردا له فيما اشتهر بين المعربين والصواب خلافه ، فكيف وقع فيما عابه؟ قلت : لعله لم يرد هذا وإنما أراد أنها حرف تصحب الجواب وإن لم يكن رابطا ، فأطلق عليه الجواب تجوزا نظرا إلى ملابستها له ووقوعها في صحبته.
(فالأول) أي : فالقسم الأول وهو وقوعها جوابا لأن أو لو ظاهرتين (كقوله :
لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها |
|
وأمكنني منها إذن لا أقيلها) (١) |
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لكثير عزة ، انظر ديوانه ص ٣٠٥ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٧٣ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ١٦٥ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٤٧.