في كلّ موضع ، وقال أبو علي الفارسيّ : «في الأكثر ، وقد تتمحّض للجواب ، بدليل أنّه يقال لك : «أحبّك» ، فتقول : «إذن أظنّك صادقا» ؛ إذ لا مجازاة هنا ضرورة».
______________________________________________________
والباء وهو عجمي : (في كل موضع) أي هذا الأمر ثابت لها في كل موضع ، فلا تخرج في تركيب من التراكيب عن كونها للجواب والجزاء.
(وقال) أبو علي (الفارسي في الأكثر) لا في كل موضع (وقد تتمحض للجواب ، بدليل أنه يقال : لك أحبك) من الحب أي : أنا متصف في الحال بمحبتي لك (فتقول) في جواب هذا الكلام : (إذن أظنك صادقا إذ لا مجازاة هنا) ضرورة أن ظن الصدق واقع في الحال ، ولا يصلح أن يكون جزاء لذلك الفعل ، قال المصنف في حاشية التسهيل : معنى الجواب في قولهم معناها الجواب والجزاء مشكل ؛ لأنهم إن أرادوا به ما يراد من تسمية جزاء الشرط جوابا ـ ويؤيده تسميتها جزاء مثله ، وقولهم لا بد قبلها من شرط ملفوظ به أو مقدر ـ أبطل ذلك استعمالها في نحو أظنك صادقا بعد قول القائل : أنا أحبك ، وهذا لا مجازاة فيه ، وإن أريد ما أريد بقولنا في نعم وأخواتها إنها أحرف جواب ، فيرد على هذا أنهم إذا عدوا أحرف الجواب لم يعدوها منها ، وأنها لا يجوز أن يقتصر عليها وتترك الجمل بعدها كما يكون ذلك في أحرف الجواب ، قلت ليس المراد بالجواب شيئا من المعنيين اللذين ردد بينهما ، وإنما المراد بكونها للجواب أنها تقع في كلام يجاب به كلام آخر ملفوظ أو مقدر ، سواء وقعت في صدره أو في حشوه أو آخره ، ولا تقع في مقتضب ابتداء ليس جوابا عن شيء ، فباعتبار ملابستها للجواب على هذا الوجه سميت حرف جواب ، ويدل عليه كلام الزمخشري في مواضع من «الكشاف» قال في تفسير قوله تعالى في سورة المؤمنين : (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) (٣٤) [المؤمنون : ٣٤] إذا واقع في جزاء الشرط وجواب الذين قاولوهم من قومهم أي : تخسرون عقولكم وتغبنون في آرائكم ، وقال في تفسير قوله تعالى في السورة المذكورة (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) [المؤمنون : ٩١]. فإن قلت : إذا لا تدخل إلا على كلام هو جزاء وجواب ، فكيف وقع قوله لذهب جزاء وجوابا ولم يتقدمه شرط ولا سؤال سائل قلت : الشرط محذوف تقديره : ولو كان معه آلهة ، وإنما حذف لدلالة قوله : (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) عليه ، وهو جواب لمن معه المحاجة من المشركين.
وقال في تفسير قوله تعالى في سورة الشعراء [٢٠] : (قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) (٢٠) فإن قلت : إذا جواب وجزاء معا والكلام وقع جوابا لفرعون ، فكيف وقع جزاء؟ قلت : قول فرعون وفعلت فعلتك فيه معنى أنك جازيت نعمتي بما فعلت ، فقال له موسى : نعم فعلتها مجازاة لك تسليما لقوله ؛ لأن نعمته كانت جديرة بأن تجازى بنحو ذلك الجزاء ، فانظر هذا الكلام فإنه يؤخذ