وعلى القول الأول ؛ فالصّحيح أنها بسيطة ، لا مركبّة من «إذ» و «أن» ، وعلى البساطة فالصّحيح أنّها الناصبة ، لا «أن» مضمرة بعدها.
المسألة الثانية : في معناه. قال سيبويه : معناها الجواب والجزاء ، فقال الشّلوبين :
______________________________________________________
فإن قلت : إضمارها يوجب تأويلها مع صلتها بمفرد فيكون مبتدأ والخبر محذوف ، فالجملة اسمية فتجب الفاء الرابطة كما لو قلت : إذا جئتي فإكرامك حاصل ، ولا فاء هنا فيشكل ، قلت : لهذا الكوفي أن يمنع كون ذلك مبتدأ ويجعله فاعلا أي : إذا جئتني وقع إكرامك ، فالجملة حينئذ فعلية ولا إشكال.
(و) إذا بنينا (على) القول (الأول) وهو القول بحرفيتها (فالصحيح أنها بسيطة لا مركبة من إذ وأن) خلافا للخليل في أحد أقواله (و) إذا بنينا (على البساطة فالصحيح أنها الناصبة لا أن مضمرة بعدها) خلافا للخليل فيما رواه عنه أبو عبيدة والزجاج والفارسي ، واختار الرضي غير هذه الآراء كلها فقال : الذي يلوح لي في إذن ويغلب في ظني أن أصله إذ حذفت الجملة المضاف إليها وعوض منها التنوين لما قصد جعله صالحا لجميع الأزمنة الثلاثة ، بعد ما كان مختصا بالماضي ، وذلك أنهم أرادوا الإشارة إلى زمان فعل مذكور ، فقصدوا إلى لفظ إذا الذي بمعنى مطلق الوقت لخفة لفظه ، وجردوه عن معنى الماضي وجعلوه صالحا للأزمنة الثلاثة ، وحذفوا منه الجملة المضاف هو إليها ؛ لأنهم لما قصدوا أن يشيروا به إلى زمان الفعل المذكور دل الفعل السابق على الجملة المضاف إليها ، كما يقول لك شخص : أنا أزورك ، فتقول : إذن أكرمك أي إذ تزورني أكرمك أي وقت زيارتك لي أكرمك ، وعوض التنوين من المضاف إليه ؛ لأنه وضع في الأصل لازم الإضافة نحو كل وبعض ، إلا أنهما معربان وإذ مبني ، ثم قال بعد كلام طويل : فلما احتمل إذن التي يليها المضارع معنى الجزاء فالمضارع بمعنى الاستقبال ، واحتمل معنى مطلق الزمان فالمضارع بمعنى الحال ، وقصد التنصيص على معنى الجزاء في إذن نصب المضارع بأن المقدرة ؛ لأنها تخلص المضارع للاستقبال فيحمل إذن على ما هو الغالب فيه أعني كونه للجزاء ؛ لاستحالة حمل المضارع إذ ذاك على الحالية المانعة من الجزاء ، وذلك بسبب النصب الحاصل بأن التي هي علم للاستقبال ، هذا كلامه.
وحاصله أن إذن هي إذ وتنوين العوض من الجملة المضاف إليها المحذوفة ونصب الفعل بعدها بأن مضمرة.
(والمسألة الثانية في معناها قال سيبويه : معناها الجواب والجزاء فقال) أبو علي (الشلوبين) بفتح الشين المعجمة وضم اللام وفتحها أيضا وبعد الواو حرف ينطق به بين الفاء