عصفور الفصل بالظرف ، وابن بابشاذ الفصل بالنّداء وبالدّعاء ، والكسائيّ وهشام الفصل بمعمول الفعل ، والأرجح حينئذ عند الكسائي النصب ، وعند هشام الرفع ؛ ولو قيل لك : «أحبّك» ، فقلت : «إذن أظنّك صادقا» رفعت ، لأنه حال.
تنبيه ـ قال جماعة من النّحويّين : إذا وقعت «إذن» بعد الواو أو الفاء جاز فيها الوجهان ،
______________________________________________________
بالنداء ، وهو غير ما تقدم (وأجاز ابن عصفور الفصل بالظرف) نحو إذن يوم الجمعة أكرمك بنصب الفعل ؛ ووجهه ظاهر (وابن بابشاذ الفصل بالنداء) كما مر تمثيله (والدعاء) نحو إذن عافاك الله أكرمك ، بالنصب ، قال ابن أم قاسم : ولم يسمع شيء من ذلك ، والصحيح منعه ، وابن بابشاذ هذا هو الإمام أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ النحوي ، حكى ابن خلكان في ترجمته وحكاه غيره أيضا أنه كان يوما في سطح جامع مصر يأكل شيئا وعنده بعض أصحابه ، فحضر قط فرموا إليه لقمة فأخذها في فيه وغاب ، ثم عاد فرموا له شيئا فأخذه وذهب ثم عاد فعل ذلك مرارا ، وهم يرمون له فيأخذ ويعود ، فعجبوا منه فتبعوه فإذا هو يأخذ ذلك الطعام ويدخل به إلى خربة شبه بيت خرب ، وفي مسطحه قط أعمى فإذا هو يضع الطعام بين يدي ذلك القط الأعمى ، فتعجبوا لذلك فقال الشيخ ابن بابشاذ : إذا كان حيوان أخرس قد سخر له هذا القط وهو يقوم بكفايته ، ولم يحرم الرزق فكيف يضيع مثلي؟ ثم قطع الشيخ علائقه وترك خدمة السلطان ، ولزم بيته واشتغاله متوكلا على الله تعالى إلى أن مات في رجب سنة تسع وستين وأربعمائة رحمة الله تعالى عليه ، وبابشاذ كلمة عجمية يتضمن معناها الفرح والسرور ، وانظر هل ذالها مهملة أو معجمة؟ وهل هي مخففة أو مشددة؟ وهل باؤه الثانية مفتوحة أو ساكنة؟ فلم يتحرر لي في ذلك ما اعتمد عليه.
(و) أجاز (الكسائي وهشام الفصل بمعمول الفعل) كما تقول إذا زيدا أكرم (والأرجح حينئذ) أي : حين إذ وقع الفصل بمعمول الفعل (عند الكسائي النصب ، وعند هشام الرفع) لضعف عملها بوجود الفاصل ، وكان القياس بطلان العمل فلا أقل من أن يكون مرجوحا (ولو قيل : لك أحبك) من المحبة (فقلت : إذن أظنك صادقا رفعت) الفعل (لأنه حال) والشرط في الإعمال استقبال الفعل ، قال ابن الحاجب في «شرح المفصل» : وإنما لم تعمل إلا في المستقبل إجراء لها مجرى النواصب كلها ، وقال تلميذه : الاستقبال شرط في النواصب ؛ لأن فعل الحال له تحقق في الوجود كالأسماء فلا تعمل فيها عوامل الأفعال.
(تنبيه قال جماعة من النحويين : إذا وقعت إذن بعد الواو أو الفاء جاز فيها) أي : في إذن (الوجهان) وهما الإعمال والإلغاء وصرح بعضهم بأن الإلغاء أكثر لحصول الاعتماد وبه جاء