نحو : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٧٦] ، (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) [النساء : ٥٣] ، وقرىء شاذّا بالنصب فيهما ؛ والتّحقيق أنه إذا قيل : «إن تزرني أزرك وإذن أحسن إليك» فإن قدّرت العطف على الجواب جزمت وبطل عمل «إذن» لوقوعها حشوا ، أو على الجملتين جميعا جاز الرفع والنصب لتقدّم العاطف ؛ وقيل : يتعيّن النصب ، لأنّ ما بعدها مستأنف ، لأن المعطوف على الأوّل أوّل ،
______________________________________________________
القرآن (نحو (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٧٦] (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) [النساء : ٥٣]) هكذا ثبت في القراءات السبع في الموضعين (وقرىء شاذا بالنصب فيهما) وقد يقال : إن شاذا حال من النصب المجرور بالباء ، وليس فعل ذلك بسديد ؛ لأن تقديم الحال على صاحبها المجرور ، إما ممتنع وإما ضعيف قلت : ويمكن أن يقال ليس بحال وإنما هو صفة مصدر محذوف أي : وقرىء قرآنا شاذا ، يقال : قرأ يقرأ قرأ وقرآنا وقراءة.
(والتحقيق : أنه إذا قيل إن تزرني أزرك وإذا أحسن إليك فإن قدرت العطف على الجواب جزمت) بسبب أن المعطوف عليه مجزوم (وبطل عمل إذن لوقوعها حشوا) أي : ذات حشو فهو منصوب على الحال ، ولا يحسن أن يقال على إسقاط الخافض أي في حشو ؛ لأن ذلك غير مقيس في مثل هذا (أو) قدرت العطف (على الجملتين) جملة الشرط وجملة الجزاء (جاز الرفع والنصب) في الفعل الواقع بعد إذن (لتقدم العاطف) فمن حيث إن إذا في أوّل جملة مستقلة هو متصدر فينتصب الفعل ، ومن حيث كون ما بعدها من تمام ما قبله بسبب ربط حرف العطف بعض الكلام ببعض هو متوسط ، فليس بمتصدر في الظاهر (وقيل يتعين النصب ؛ لأن ما بعدها) أي : ما بعد إذا (مستأنف) لا يطلبه شيء مما قبله ، (أو لأن المعطوف على الأول أول) لعدم الصرف يعني أن ما قبل العاطف غير مسبوق بشيء يطلبه فهو أول ، فما عطف عليه مثله إذ حكم المعطوف حكم المعطوف عليه ، وفيه نظر وهذا هو الأول في المعنى أو قريب ، والذي يشير إليه كلام الزمخشري هو هذا القول الأخير ؛ فإنه لما تكلم على قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٧٦] حكى القراءتين المشهورتين والشاذة ونسب الثانية إلى أبي ثم قال : فإن قلت : ما وجه القراءتين؟ قلت : أما الشائعة فقد عطف الفعل على الفعل ، وهو مرفوع لوقوعه خبر كاد والفعل في خبر كاد واقع موقع الاسم ، وأما قراءة أبي ففيها الجملة برأسها التي هي إذا لا يلبثون على جملة قوله : وإن كادوا ليستفزونك ، هذا كلامه وظاهره أنك إذا عطفت على الجملة فالنصب متعين ، وإذا عطفت على الفعل فالرفع متعين ، قيل : وفي قوله عطف على جملة قوله : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ) [الإسراء : ٧٦] نظر ؛ لأنه على هذا التقرير لا يتحقق معنى قول سيبويه. إذن جواب وجزاء ، وأجيب بأنه يمكن أن يفهم كونه جوابا