(إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) [الزخرف : ٨١] ، وعلى هذا فالوقف هنا ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) [الأحقاف : ٢٦] ، أي : في الذي ما مكّنّاكم فيه ؛ وقيل : زائدة ، ويؤيّد الأول (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) [الأنعام : ٦] ، وكأنه إنما عدل من «ما» لئلّا يتكرّر فيثقل اللفظ ؛ قيل : ولهذا لما زادوا على «ما» الشرطيّة «ما» قلبوا ألف «ما» الأولى هاء فقالوا : «مهما» ، وقيل : بل هي في الآية بمعنى «قد» ، وإن من ذلك : (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ
______________________________________________________
[الزخرف : ٨١] عند من يراها شرطية ، وعليه فالكلام وارد على سبيل الفرض ، والمراد نفي الولد وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد ، وهي محال في نفسها فكان المعلق بها محالا مثلها ، ونظيره قول سعيد بن جبير للحجاج حين قال له : والله لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى : لو عرفت أن ذلك إليك ما عبدت إلها غيرك ، وقيل : المعنى إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين ، أي : الموحدين لله المكذبين قولكم بإضافة الولد إليه ، وقيل المعنى : إن كان للرحمن ولد فأنا أول الآنفين من أن يكون له ولد ، من عبد بكسر الباء يعبد بفتحها إذا اشتد أنفه ، ولا يخفى أن هذا محل العطف بالواو وأن تركها محل مؤاخذة كما مرّ.
(و) خرج أيضا جماعة على إن النافية (قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) [الأحقاف : ٢٦] أي : في الذي ما مكناكم فيه) فجعل ما موصولة ويجوز أن تكون موصوفة ، أي : في شيء ما مكناكم فيه.
(وقيل) إن في الآية (زائدة ، ويؤيد الأول) وهو جعلها نافية قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) [الأنعام : ٦] فإن الذي سيق له الكلام أن كفار مكة دون أولئك في التمكين في الأرض ، والمعنى : لم نعط أهل مكة نحو ما أعطيناه عادا وثمود وغيرهم من البسطة في الأجسام والسعة في الأموال والاستظهار بأسباب الدنيا ، (وكأنه إنما عدل) في هذا المحل وهو في ما إن مكناكم (عن ما لئلا تتكرر).
لو قيل : فيما ما مكناكم (فيثقل اللفظ) وكذا قال الزمخشري.
(قيل ولهذا) أي : لثقل اللفظ بالتكرير (لما زادوا على ما الشرطية ما قلبوا ألف) ما (الأولى هاء فقالوا : مهما ، وقيل بل هي) أي : إن (في الآية) المذكورة وهي ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه (بمعنى قد) ولا يخفاك أنه غير مناسب لما سيقت الآية له (وأن من ذلك) بفتح همزة إن وكسرها كما أسلفناه غير مرة (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) (٩) [الأعلى : ٩] أي : قد نفعت ذكراك ؛ إذ بها قد حصل إيمان كثير من الناس ، ولا يظهر كونها شرطية إذا الشرط فيها غير مراد ، فإن الرسول صلىاللهعليهوسلم مأمور بالذكرى نفعت أو لم تنفع ، فإذا جعلت بمعنى قد لم يكن ثم شرط وكان الأمر بالتذكير مطلقا.