(الذِّكْرى) (٩) [الأعلى : ٩] ، وقيل : في هذه الآية : إن التقدير وإن لم تنفع ، مثل (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] ، أي : والبرد ، وقيل : إنما قيل ذلك بعد أن عمّهم بالتذكير ولزمتهم الحجّة ، وقيل : ظاهره الشرط ومعناه ذمّهم واستبعاد لنفع التّذكير فيهم ، كقولك : عظ الظّالمين إن سمعوا منك ، تريد بذلك الاستبعاد ، لا الشّرط.
١ وقد اجتمعت الشرطيّة والنافية في قوله تعالى : (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) [فاطر : ٤١] الأولى شرطية ، والثانية نافية ، جواب للقسم الذي آذنت به اللام الداخلة
______________________________________________________
(وقيل في هذه الآية) الأخيرة (إن التقدير وإن لم تنفع) فحذف العاطف والمعطوف (مثل (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] أي : والبرد) ويدل على المعطوف قوله : (وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى) (١١) [الأعلى : ١١] وهذا قول الواحدي ومحيي السنة قالا : عظ يا محمد أهل مكة إن نفع التذكير أو لم ينفع ؛ لأنه صلوات الله تعالى عليه وسلامه بعث مبلغا للإنذار فعليه التبليغ في كل حال نفع أو لم ينفع تأكيدا للحجة واكتسابا للمثوبة ، ولا يخفاك أن إن على هذا الرأي ليست بحقيقة الشرط ، ضرورة أن الأمر الواحد لا يكون مشروطا بالشيء ونقيضه ، وهذه هي التي يسميها بعض المتأخرين بالمتصلة والوصلية ، ويقع في كلام بعضهم أنه يجوز استعمالها بدون الواو ، وإنما معناه أنك تجعل نقيض الشرط محذوفا مع العاطف لا أنك تقدر المحذوف هو العاطف فقط كما يسبق إلى أوهام القاصرين ؛ لأن حذف العاطف بمفرده قليل ، وقد قيل : إنه منوط بضرورة الشعر ، فلا يرتكب تخريج ما وقع في السعة عليه.
(وقيل : إنما قيل ذلك بعد أن عمهم بالتذكير ، ولزمت الحجة) فلا يضر وجود الشرط بعد ذلك ، وهذا أحد الوجهين اللذين ذكرهما الزمخشري قال : قد استفرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم مجهوده في تذكيرهم وما كانوا يزيدون على زيادة الذكرى إلا عتوا وطغيانا ، وكان عليه الصلاة والسّلام يتلظى حسرة وتلهفا ويزداد جدا في تذكيرهم ، فقيل له : وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ، فأعرض عنهم وقل : سلام وذكر إن نفعت الذكرى ، وذلك بعد إلزام الحجة بتكرير التذكير.
(وقيل : ظاهره الشرط ومعناه ذمهم واستبعاد لنفع التذكير فيهم ، كقولك : عظ الظالمين إن سمعوا منك ، تريد بذلك الاستبعاد لا الشرط) وهذا هو الوجه الثاني من وجهي الزمخشري.
(وقد اجتمعت الشرطية والنافية في قوله تعالى : (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) [فاطر : ٤١] الأولى شرطية) وهي التي دخلت عليها اللام المؤذنة بالقسم (والثانية نافية جواب القسم) أي جزء جواب القسم ، وإلا فليست بمفردها جوابا للقسم (الذي آذنت به اللام الداخلة