على الأولى ، وجواب الشّرط محذوف وجوبا.
وإذا دخلت على الجملة الاسميّة لم تعمل عند سيبويه والفرّاء ، وأجاز الكسائي والمبرّد إعمالها عمل «ليس» ، وقرأ سعيد بن جبير : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) [الأعراف : ١٩٤] بنون مخفّفة مكسورة لالتقاء الساكنين ، ونصب «عبادا» و «أمثالكم». وسمع من أهل العالية :
______________________________________________________
على الأولى وجواب الشرط محذوف وجوبا) على القاعدة المقررة في موضعها ، وهذا مما يقضي بسهو المصنف حيث ادعى في قول الشاعر :
لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها |
|
وأمكنني منها إذن لا أقيلها (١) |
إن إذن جواب لأن الظاهرة في أول البيت وقد أسلفناه (وإذا أدخلت إن النافية على الجملة الاسمية لم تعمل عند سيبويه) من البصريين (والفراء) من الكوفيين (وأجاز الكسائي) منهم (والمبرد) من البصريين (إعمالها عمل ليس) فترفع الاسم وتنصب الخبر (وقرأ سعيد بن جبير (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) [الأعراف : ١٩٤] بتخفيف النون) من إن (وكسرها لالتقاء الساكنين) وهما النون المذكورة ولام الذين الأولى (ونصب عبادا) على أنه خبر إن ، واسمها هو الموصول (و) نصب (أمثالكم) على أنه صفة عبادا ، فإن قلت كيف هذا وهما متخالفان بالتنكير والتعريف ، قلت : بل هما متوافقان في التنكير فإن أمثالكم بمعنى مماثليكم ، فالإضافة فيه لفظية ، فإن قلت : ظاهر هذه القراءة مخالف للقراءة المشهورة بتشديد النون ورفع عباد وأمثالكم ؛ إذ مقتضاها إثبات مماثلة المدعوين من دون الله تعالى المخاطبين ، ومقتضى القراءة الأخرى نفي المماثلة ، فهل من سبيل إلى التوفيق؟
قلت : نعم يمكن ذلك بأن تجعل المماثلة المثبتة في القراءة المشهورة باعتبار العبودية ، أي : أن هؤلاء الذين تدعونهم آلهة مماثلون لكم في كونهم مربوبين متسمين بسمة العبودية لله تعالى ، والمماثلة المنفية في القراءة الأخرى باعتبار الإنسانية ، أي : ليس هؤلاء الذين تدعونهم من دون الله تعالى مماثلين لكم فيما اتصفتم به من الإنسانية ، إذ هم جماد وأنتم عقلاء فلكم عليهم مزية ، فكيف تعبدونهم وتتخذونهم آلهة وهم دونكم؟! وأظن أني وقفت على معنى هذا الكلام في شرح التسهيل للقاضي محب الدين ناظر الجيش رحمهالله تعالى.
(وسمع من أهل العالية) وهي ما فوق نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة وما والاها والنسبة إليها عالي ، ويقال أيضا علوي على غير قياس كذا في «الصحاح».
__________________
(١) تقدم تخريجه.