«إن أحد خيرا من أحد إلّا بالعافية» ، و «إن ذلك نافعك ولا ضارّك». وممّا يتخرّج على الإهمال الذي هو لغة الأكثرين قول بعضهم : «إنّ قائم» ، وأصله : «إن أنا قائم» ؛ فحذفت همزة «أنا» اعتباطا ، وأدغمت نون «إن» في نونها ، وحذفت ألفها في الوصل ، وسمع «إنّ قائما» على الإعمال. وقول بعضهم نقلت حركة الهمزة إلى النّون ثم أسقطت على القياس في التخفيف بالنقل ثم سكّنت النون وأدغمت ، مردود ، لأن المحذوف لعلّة كالثابت ، ولهذا تقول : «هذا قاض» بالكسر لا بالرفع ، لأن حذف الياء لالتقاء السّاكنين ؛ فهي مقدّرة الثّبوت ، وحينئذ فيمتنع الإدغام ، لأن الهمزة فاصلة في التقدير ،
______________________________________________________
(إن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية) بنصب خيرا على أنه خبر إن (وإن ذلك نافعك) بالنصب على أنه خبرها (ولا ضارك) بالنصب أيضا عطفا على الخبر (ومما يتخرج على الإهمال الذي هو لغة الأكثرين) من العرب (إن قائم وأصله إن أنا قائم فحذفت همزة أنا اعتباطا) بالعين والطاء المهملتين والباء الموحدة أي : لا لعلة موجبة للحذف ، مأخوذ من قولهم عبط الذبيحة أي : نحرها من غير علة ، وهي سمينة فتية ، وقولهم عبطت الدواهي الرجل نالته من غير استحقاق ، ومات عبطة ، أي : شابا صحيحا ، واعتبطه الموت وأعبطه أخذه وهو كذلك.
(وأدغمت نون إن) النافية (في نونها) أي : في نون أنا التي هي ضمير رفع منفصل (وحذفت ألفها في الوصل) في اللغة المشهورة (وسمع إن قائما على الأعمال) كما في قولهم : ما زيد قائما ، بالنصب ، وكيفية العمل في الحذف والإدغام كما مر.
(وقول بعضهم نقلت حركة الهمزة إلى النون ثم أسقطت على القياس في التخفيف بالنقل ، ثم سكنت النون) التي نقلت إليها حركة الهمزة (وأدغمت) في نون أنا بعد ذهاب همزتها (مردود ؛ لأن المحذوف لعلة) تقتضي الحذف (بمنزلة الثابت) الذي لم يحذف أصلا (ولهذا تقول هذا قاض بالكسر لا بالرفع) ؛ إذ الأصل هذا قاضي بضمة على الياء علامة للرفع وبتنوين الصرف لكن استثقلت الضمة على الياء بعد كسرة ، فسكنت فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء لعلة الالتقاء ، وبقيت الضاد مكسورة على ما كانت عليه قبل الإعلال ، فقيل : هذا قاض بالكسر (لأن حذف الياء للساكنين) أي لالتقائهما (فهي مقدرة الثبوت) فتكون الضاد مكسورة (فحينئذ) أي : حين إذ كان المحذوف لعلة بمنزلة الثابت الوجود (يمتنع الإدغام) في إن أنا إذا حكم بنقل حركة الهمزة إلى النون (لأن الهمزة فاصلة في التقدير) وهي في حكم الموجودة في النطق ، ومع ذلك لا يتصور الإدغام أصلا ، قلت : غاية ما قاله المصنف أنه لا يعتد بالعارض ، وهو أصل مختلف فيه فقد قيل : إن العارض يعتد به ألا ترى أن مثل الأحمر إذا نقلت حركة همزته إلى لام التعريف ، فإن شئت أبقيت ألف الوصل غير معتد بالحركة المنقولة لأنها عارضة ، وإن شئت