ومثل هذا البحث في قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) [الكهف : ٣٨].
الثالث : أن تكون مخفّفة من الثقيلة ، فتدخل على الجملتين : فإن دخلت على الاسميّة جاز إعمالها خلافا للكوفيّين ،
______________________________________________________
حذفت الألف معتدا بلفظ الحركة بعدها ، وعلى هذا أجاز القراء في مذهب ورش أن يقرأ (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) [الأنفال : ٦٦] ونحوه بثبوت الألف وحذفها ، وعلى هذا قرىء (لَمِنَ الْآثِمِينَ) [المائدة : ١٠٦] بفتح نون من اعتبار [ا] بسكون اللام ؛ لأنه الأصل كما تقول من الرجل ، وقرىء في الشاذ لمن لاثمين بإدغام نون من في اللام اعتدادا بحركتها العارضة ، كما تقول من لدن وما أحسن قول الشيخ أثير الدين أبي حيان رحمهالله تعالى:
راض حبيبي عارض قد بدا |
|
يا حسنه من عارض رابض (١) |
وظن قوم أن قلبي سلا |
|
والأصل لا يعتد بالعارض |
ومثل هذا البحث في قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) [الكهف : ٣٨] قال الزمخشري أصله لكن أنا فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على نون لكن فتلاقت النون فكان الإدغام ، ونحوه قول القائل :
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب |
|
وتقلينني لكن إياك لا أقلي (٢) |
أي : لكن أنا لا أقليك ، هذا كلامه.
قلت : وهذا هو الوجه المردود عند المصنف ، وقد علمت ما فيه ، وقراءة ابن عامر بإثبات ألف أنا في الوصل والوقف جميعا ، وحسن ذلك وقوع الألف عوضا من حذف الهمزة وغيره إلا في الوقف.
الوجه (الثالث : أن تكون مخففة من) إن (الثقيلة فتدخل على الجملتين) الاسمية والفعلية (فإن دخلت على) الجملة (الاسمية جاز إعمالها خلافا للكوفيين) وظاهر هذه العبارة أن خلاف الكوفيين في الحكم المذكور ، وهو جواز الإعمال ، وقضية ذلك أنهم قائلون بكونها مخففة من الثقيلة ، وأن إلغاءها واجب عند دخولها على الجملة الاسمية ، وليس كذلك فإن الكوفيين لا يجيزون تخفيف الثقيلة أصلا ، وإن التي يراها البصريين مخففة من الثقيلة يقولون : إنها النافية ،
__________________
(١) البيت من البحر السريع ، وهو لأبي حيان الأندلسي ، انظر : نفح الطيب ٢ / ١٠٢٩.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٢٣ ، والجنى الداني ص ٢٣٣ ، وجواهر الأدب ص ٢١٨ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٥٥.