الخامس : واو الثمانية ، والعرب تدخل الواو بعد السبعة إيذانا بتمام العدد ؛ فإن السبعة عندهم هي العقد التامّ كالعشرة عندنا فيأتون بحرف العطف الدالّ على المغايرة بين (١) المعطوف والمعطوف عليه ، فتقول : خمسة ، ستة ، سبعة ، وثمانية ، فيزيدون الواو إذا بلغوا الثمانية. حكاه البغوي (٢) عن عبد الله بن جابر (٣) عن أبي بكر بن عبدوس ، ويدل عليه قوله تعالى : (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ) (الحاقة : ٧).
ونقل عن ابن خالويه (٤) وغيره ، ومثلوه بقوله تعالى : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) (الكهف : ٢٢) بعد ما ذكر العدد مرتين بغير واو. وقوله تعالى في صفة الجنة : (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) (الزمر : ٧٣) ، بالواو لأنها ثمانية ، وقال تعالى في صفة النار : (فُتِحَتْ أَبْوابُها) (الزمر : ٧١) ، بغير واو لأنها سبعة ، وفعل ذلك فرقا بينهما. وقوله : (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (التوبة : ١١٢) ، بعد ما ذكر قبلها من الصفات بغير واو.
وقيل : دخلت فيه إعلاما بأن الآمر بالمعروف ناه عن المنكر في حال أمره بالمعروف ، فهما حقيقتان متلازمتان.
وليس قوله : (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (التحريم : ٥) من هذا القبيل ، خلافا لبعضهم ؛ لأن الواو لو أسقطت منه لاستحال المعنى ، لتناقض الصفتين.
ولم يثبت المحققون واو الثمانية ، وأوّلوا ما سبق على العطف أو واو الحال وإن دخلت في آية الجنة ، لبيان أنها كانت مفتحة قبل مجيئهم ، وحذفت في الأول لأنها كانت مغلقة قبل مجيئهم.
وقيل : زيدت في صفة الجنة علامة لزيادة رحمة الله على غضبه وعقوبته ، وفيها زيادة كلام سبق في مباحث الحذف.
وزعم بعضهم أنها لا تأتي في الصفات إلا إذا تكررت [النعوت] (٥) ، وليس كذلك (١) «بل
__________________
(١) في المخطوطة (من المعطوف).
(٢) انظر تفسير البغوي ٣ / ١٥٦ الآية (٢٢) من سورة (الكهف).
(٣) في المخطوطة (حامد).
(٤) هو الحسين بن خالويه تقدم التعريف به في ٢ / ٣٦٩. وقد ذكر قوله ابن هشام في المغني ٢ / ٣٦٢. القسم التاسع من أقسام الواو.
(٥) ساقطة من المخطوطة.