شهر سبتمبر ، أرسل القاضى إلىّ من يبلغنى أنه يجب ألا يتحرك إلا فى المساء ، أى أنه سيسافر أثناء الليل ، وأنه يتطلع إلى لقائى عند جبل قورة فى منتصف الطريق إلى مكة. وهنا رأيت أن أغادر الطائف بمفردى ، مثلما دخلتها بمفردى أيضا ، بعد إقامة فيها دامت عشرة أيام. عند مغادرة الطائف أبلغنى بوسارى بولائه الشديد لصالحى ، وبعد أن غادرت حدود الطائف رحت أشكر الله على حظى السعيد ، وعلى نجاتى من الإقامة فى بلاط تركى ، كان من الصعب علىّ فيه تحاشى الخطر ، كما لو كنت بين البدو غير المتحضرين فى بلاد النوبة.
طوال مقامى فى الطائف التقيت الباشا خمس مرات أو ست مرات ، والمقتطفات التالية من مفكرتى اليومية توضح النتائج العامة التى أسفرت عنها تلك المقابلات :
سؤال : أتمنى أن تكون بخير يا شيخ إبراهيم.
جواب : أنا بخير تماما ، وأنا فى غاية السعادة لأنى ألقاك مرة ثانية.
سؤال : لقد ترحلت كثيرا منذ آخر مرة رأيتك فيها فى القاهرة. ما هو المدى الذى وصلت إليه فى بلاد الزنوج؟
[جواب :] رددت على هذا السؤال بأن أوردت ملخصا لأسفارى فى بلاد النوبة.
سؤال : خبرنى كيف حال المماليك فى دنقلة؟
[جواب :] حكيت له ذلك الذى سيجده القارئ فى كتابى المعنون «الأسفار النوبية».
سؤال : أنا أفهم أنك تعاملت فى إبريم مع اثنين من المماليك؟ هل هذا صحيح؟
[جواب :] أدهشتنى الكلمة «تعاملت» (إذا كان المترجم قد ترجم الكلمة التركية حقيقة) ، ذلك أن الباشا عندما كان فى مصر بلغه وأنا فى طريقى إلى دنقلة أنى التقيت اثنين من المماليك فى بلدة «در» ونظرا لأن الباشا كان لا يزال يشك فى محاباة الإنجليز لقضية أو مصلحة المماليك ، فلربما ظن أنى كنت أحمل رسالة إليهما من الحكومة. وهنا أكدت للباشا أن لقائى بالمملوكين كان طارئا تماما ، وأن الاستقبال السيئ الذى