من الحلق أو التقصير يصبح الحاج حرا ويحق له التحرر من ملابس الإحرام ، ويرتدى ملابسه العادية ، أو يظل مرتديا ملابس الإحرام ، لحين الانتهاء من أداء العمرة ويكتفى فقط بأداء ركعتين عندما يشرع فى العمرة. ومع ذلك فهذا أمر نادر الحدوث ، نظرا لأن الطواف والسعى مرهقان إلى حد أن المرء يكون بحاجة إلى الراحة بعد الانتهاء منهما ، وهنا يرتدى الزائر ملابسه العادية ، لكنه يستطيع فى اليوم التالى أو فى أى يوم بعده (والتعجيل أفضل) ارتداء ملابس الإحرام ، واتباع الطقوس نفسها عند ارتداء ملابس الإحرام لأول مرة ثم يبدأ بعد ذلك فى أداء العمرة ، بأن يذهب إلى مكان يبعد عن مكة مسير ساعة واحدة. فى هذا المكان يصلى الزائر ركعتين فى مسجد صغير موجود هناك ، ثم يعود إلى مكة وهو يردد نداء التلبية قائلا «لبيك ، اللهم لبيك» ، ويتعين عليه بعد ذلك الطواف من جديد ، ثم السعى ، ويحلق شعر رأسه تماما ، ويتحلل ، وبذلك تنتهى طقوس العمرة. أداء العمرة أمر ضرورى من الناحية الشرعية (*) ، لكن كثيرا من الناس يتجاهلون هذا الشرط. وأنا شخصيا ذهبت إلى العمرة ، فى اليوم الثالث بعد وصولى إلى (مكة) ، وقد قطعت هذه المسافة سيرا على الأقدام أثناء الليل ، وتلك عادة درج الناس عليها هنا فى فصل الصيف والحرارة.
فى موسم الحج يتعين تكرار كل هذه الطقوس بعد العودة من وادى منى ، وأيضا عند مغادرة مكة. الطواف حول الكعبة أمر مستحب كلما استطاع المرء إلى ذلك سبيلا ، هناك قلة قليلة من الأجانب الذين يعيشون فى مكة ، لا يجدون أى مانع من الطواف بالكعبة مرتين كل يوم ، مرة فى المساء وأخرى قبل طلوع النهار.
قبل عصر محمد صلىاللهعليهوسلم ، وعندما كان الناس يعبدون الأصنام فى الجزيرة العربية ، كانت الكعبة تعد شيئا مقدسا ، وتحظى زيارتها بالوقار الدينى من قبل أشخاص كانوا يؤدون الطواف بطريقة مماثلة إلى حد بعيد لما يفعل خلفهم فى الوقت الراهن. كان الحرم ، فى ذلك الزمان ، مزينا بثلاثمائة وستين صنما ، وكان هناك فارق
__________________
(*) العمرة ليست فريضة واجبة الأداء مثل الحج ، ويجوز للحاج أن يفرده بالأداء دون العمرة ويكون حجه فى هذه الحالة «مفردا».