الذين يشترونها من على ظهر السفن التى تصل إلى جدة قادمة من الهند ، تدر على صاحبها إذا ما بيعت بسعر الجملة ، أثناء موسم الحج ، ربحا صافيا يتردد بين عشرين فى المائة وثلاثين فى المائة ، وتدر إذا ما بيعت بالتجزئة ربحا يقدر بحوالى خمسين فى المائة. من هنا ، لا يصبح الأمر مدهشا ، إذا ما عرفنا أن أهل مكة كلهم من التجار ، وكل من يستطيع توفير بضع مئات من الدولارات يسافر إلى جدة ، ويستثمرها فى البضاعة التى يعرضها للبيع خلال موسم الحج. يحقق المكيون أرباحا كثيرة أيضا عن طريق التدليس ، معروف أن كثيرا من الحجاج يجهلون اللغة العربية ، ولذلك يقعون فى أيدى السماسرة أو المترجمين الذين يجعلونهم يدفعون أثمانا غالية نظير الخدمات ، واقع الأمر أن مكة كلها متحدة فى مسألة غش الحجاج وخداعهم.
فى الماضى ، ويوم أن كانت القوافل تتمتع بالأمن الكامل على الطريق ، كانت البضائع تنقل إلى مكة بطريق البر ، فى الوقت الراهن نجد قلة قليلة من التجار هم الذين يعرّضون ممتلكاتهم لمخاطر النقل عبر الصحراء ، يضاف إلى ذلك أن هؤلاء التجار يضحون بميزة استيراد بضاعتهم إلى مكة خالصة الجمارك ، وهذه ميزة مقصورة على القوافل ، وينقلون بضاعتهم بالبحر إلى جدة ، وهذا الطريق يدفع فيه الحجاج القادمون من إفريقيا والحجاج القادمون من تركيا رسوما مضاعفة ، ومحمد على باشا يحصل هذه الرسوم الجمركية مرة فى مصر ومرة أخرى فى جدة. فى الوقت الراهن نجد أن الحركة التجارية الصغيرة ، لا تقوم بها سوى القوافل ، التى لا تبقى سوى أيام قلائل فى مكة. وهنا نجد أن أصحاب الدكاكين وتجار التجزئة فى المدينة يحققون أرباحا كبيرة من هذه البضاعة ، هذا يعنى أن أرباح تجار التجزئة فى مثل هذه الظروف تكون أكثر من أرباح تجار الجملة. معروف أن حركة تجار الجملة تروج خلال الأشهر السابقة للحج ، وذلك بعد وصول التجار الأجانب إلى مكة عن طريق جدة ، ويكون أمامهم متسع من الوقت لتسوية أمورهم قبل دخول موسم الحج.