البدو الحسنة ، نظرا لأن أصول المكيين هى أصول بدوية. المكيون عندما يلاقون بعضهم بعضا فى الشارع لأول مرة ، ترى الصغير يقبل يد الكبير ، أو يقبل الأدنى يد الأعلى من حيث المقام ، فى حين يقوم الآخر برد التحية بقبلة يطبعها على جبين من يحييه. الأنداد الذين يكونون من منزلة واحدة ومن سن واحدة ، ولا ينتمون إلى الطبقة الأولى يقبلون أيادى بعضهم البعض. (*) وهم يقولون للغرباء والأجانب : «يا مؤمن» أو «يا أخى» ، يضاف إلى ذلك أن القول المأثور «إنما المؤمنون أخوة» يتردد دوما على ألسنتهم. وصاحب الدكان يقول لزبونه الأجنبى «مرحبا وألف مرحبا» ، «أنت من غرباء الله سبحانه وتعالى وأنت ضيف فى المدينة المقدسة ، كل ممتلكاتى تحت أمرك». والمكى إذا ما أراد خدمة من الخدمات يقول : «إعاشتنا كلها تعتمد ، بعد الله سبحانه وتعالى ، عليكم أيها الحجاج ، ألا يستحق ذلك شكرنا وامتناننا لكم؟ «إذا ما كان الغريب فى المسجد الحرام يجلس فى الشمس فإن المكى يفسح له مكانا فى الظل ، وإذا ما كان المكى يسير فى الشارع فإنه يسمع من يناديه لتناول كوب من الشاى أو القهوة ، والمكى عندما يتناول الشربة (الجرة) ليشرب منها ، فإنه يقدمها قبل أن يشرب منها لمن يكون بجواره ، أى أنه يؤثره على نفسه ، وفى ظل أقل قدر ممكن من المعرفة ترى المكى يقول لصديقه الجديد : «متى تشرفنى فى منزلى وتتناول معى العشاء؟» والمكيون عندما يتعاركون فيما بينهم ، لا تسمع منهم لعنا أو سبا أو لغة بذيئة ، مثل تلك المستخدمة فى مصر وسوريا ، تبادل اللكمات لا يحدث مطلقا إلا فى المناسبات الشاذة ، ووصول رجل من الرجال المحترمين يضع حدا للنزاع على الفور عندما يقول : «لقد جعلنا الله خطائين كبارا» ، ويردان عليه قائلين : «لكنه أعطانا أيضا فضيلة الندم».
__________________
(*) عندما يصافح أهل الحجاز بعضهم بعضا يمسك الواحد منهم إبهام الآخر واليد كلها ويروح يضغط عليها ، ثم يفتح اليد مرتين أو ثلاث مرات. وهذا هو ما يسمونه المصافحة ، ويقال إن المصافحة كانت عادة من عادات (سيدنا) محمد صلىاللهعليهوسلم.