الوقت الراهن ، أقل بكثير فى التعليم الإسلامى ، من بلدان أخرى مماثلة لها فى السكان كما هو الحال فى كل من سوريا أو مصر. الأرجح أن مكة لم تكن كذلك عندما جرى فيها بناء الكثير من المدارس العامة ، التى حولها الناس حاليا إلى مساكن خاصة للحجاج. يقول الناس : إن مكة ، فى زمنه ، كانت تحتوى على إحدى عشرة مدرسة إضافة إلى بعض الأربطة ، أو المدارس الأقل قليلا من ذلك ، والتى كانت تشتمل هى الأخرى على مساكن لفقراء الحجاج ، ولا تزال هناك بعض الأربطة فى المنطقة المجاورة للمسجد الحرام ، لكن هذه الأربطة لا تستعمل إلا مجرد مساكن للحجاج. والمدينة ليس فيها مدرسة عامة واحدة ، يجرى فيها إلقاء المحاضرات ، كما هو الحال فى الأجزاء الأخرى من تركيا ، وبيت الله (المسجد الحرام) هو المكان الوحيد الذى يوجد فيه العلماء الشرقيون. يضاف إلى ذلك ، أن المدارس التى يجرى فيها تعليم الصبية القراءة والكتابة تنعقد ـ كما سبق أن قلت ـ فى المسجد الحرام ، حيث يقوم بعض العلماء عقب الصلاة مباشرة بتفسير قلة قليلة من الكتب الدينية وشرحها لجمهور صغير جدا من الناس ، يتكون فى أساسه من الهنود ، وبعض سكان الملايو ، وبعض الزنوج ، وقلة قليلة من مواطنى حضرموت واليمن الذين جذبهم وشدهم اسم مكة ، فبقوا فيها سنوات قليلة ، إلى أن يتمكنوا من العودة إلى بلادهم بعد أن يتسلحوا بالعلم على نحو يتمكنون معه من نشر العلم الذى تعلموه فى بلادهم. والمكيون الذين يودون الاستزادة من العلم يسافرون إلى دمشق أو القاهرة. ونحن نصادف الكثيرين منهم فى القاهرة لأنهم يدرسون فى الأزهر الشريف.
المسجد الحرام ليس له مكتبة عامة ، والمكتبات القديمة التى سبق الحديث عنها ، اختفت جميعها. كاتب الحرم لديه مجموعة صغيرة من الكتب المملوكة أصلا للمسجد الحرام ، لكنها تعد حاليا ملكا خاصا لهذا الكاتب ، والكتب لا يمكن استعارتها بسهولة. الأزهر فى القاهرة شىء مختلف تماما. كل رواق من أروقة الأزهر ، والمخصصة لمختلف الأمم الإسلامية (وقد بلغ عدد هذه الأروقة فى الوقت الراهن ستة وعشرين رواقا) له أو ملحق به مكتبة خاصة ، وأعضاء الرواق لهم مطلق الحرية فى أخذ الكتب من تلك المكتبة لكى يستعينوا بها فى دراساتهم وأبحاثهم. مكة تفتقر أيضا إلى المكتبات