حجاج فارس وكذلك حجاج الملايو هم الذين يبحثون عن الكتب ، يقال إن الوهابيين بصفة خاصة هم الأكثر بحثا عن الكتب التاريخية ، هذه الملاحظة سمعتها تتردد مرارا فى المدينة المنورة. أثناء مقامى فى دمشق ، التى تعد أغنى الأسواق من حيث الكتب فى الشرق كله ، كما أنها تعد الأرخص من حيث أسعار الكتب نظرا لعدم تردد الأوروبيين عليها بصورة متكررة ، وقد بلغنى أن كثيرا من عرب بغداد ، الذين جرى تكليفهم سرا من قبل سعود ـ الرئيس الوهابى ـ قاموا بشراء الكثير من المؤلفات التاريخية ، وعندما قام أبو نقطة بتخريب موانئ اليمن ، قام بنقل عدد كبير من الكتب ، التى أرسلها إلى الدرعية.
يمكن أن نعزو ندرة الكتب القيمة فى مكة إلى تواصل شراء الحجاج للكتب ، وربما كان ذلك راجعا أيضا إلى ندرة النساخ فى مكة حتى يمكن استعواض الكتب التى يجرى تصديرها (*). مسألة النقص فى عدد النساخ هذه موجودة أيضا فى كل من سوريا ومصر ، الأمر الذى يمكن أن يؤدى فى نهاية المطاف إلى عجز كبير فى الكتب فى هذه البلاد ، إذا ما استمر تصدير هذه الكتب إلى أوروبا. يوجد فى القاهرة فى الوقت الراهن حوالى ثلاثة آلاف ناسخ أو ما يزيد على ذلك ، هؤلاء النساخ ينسخون الكتب بخط جيد ، أو لديهم معرفة وجيزة كافية تجنبهم الوقوع فى الأخطاء الجسيمة. فى مكة كان هناك رجل من لاهور ، كان يكتب خطا عربيا جميلا ، على الرغم من أنه كان لا يتحدث العربية جيدا. كان ذلك اللاهورى يجلس فى مكان قريب من باب السلام ، وكان ينسخ للحجاج الأدعية التى يدعون بها أثناء الحج. الخط الحجازى مختلف عن الخط المستعمل فى مصر أو سوريا ، لكن الأمر لا يحتاج إلا إلى شىء قليل من الممارسة وبعدها يتمكن المرء من قراءة ذلك الخط. عموما ، ليست بلدان الشرق كلها ، بل كل منطقة من مناطقه ، لها أسلوبها وطريقتها الخاصة فى الكتابة ، والممارسة وحدها كفيلة بجعل الناس يميزون هذه الطرق بعضها عن بعض. هناك بعض
__________________
(*) شاهدت فى القاهرة كتبا مكتوبة بالخط الحجازى ، وقد اشتريت بعضا من هذه الكتب.