إلى زيد بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب ، الذى قتل فى الكوفة فى العام ١٢١ الهجرى بأيدى جماعة الخليفة هشام. يبدو أن الزيود يوقرون عليا ـ رضى الله عنه ـ توقيرا كبيرا ، لكنهم فى الوقت ذاته لا يسبون أو يلعنون أبا بكر أو عمر ـ رضى الله عنهما ـ. هؤلاء الزيود لديهم أفكار غير التى لدى السنة فيما يتعلق بولاية الأئمة الاثنى عشر ، لكنهم يتفقون مع السنة فى الأمور الأخرى ، هذا يعنى أن نقاط الائتلاف بين الزيود والسنة أكثر من نقاط الاختلاف مع الفرس. زيود اليمن الذين ينتمى إليهم إمام صنعاء ، يعدون أنفسهم أصحاب المذهب الخامس من المذاهب الإسلامية ، وأن هذا المذهب الزيدى يجىء بعد المذاهب الأربعة : الأحناف ، والشافعية ، والمالكية ، والحنابلة ، ولهذا السبب فهم يطلقون على أنفسهم أهل المذاهب الخمس ، هؤلاء الزيود يذيعون معتقداتهم على الملأ ، وفى مكة يخفون هذه المعتقدات. بلغنى أن من بين معتقداتهم الرئيسية ، ذلك المعتقد الذى مفاده أن الصلاة إذا ما كانت فى المسجد أو المنزل ، يجب ألا تحتوى على أية تعبيرات أخرى غير تلك التعبيرات الواردة فى القرآن ، أو التعبيرات التى يجرى تشكيلها من مقتطفات من ذلك الكتاب.
المكيون ينظرون إلى الزيود باعتبارهم مهرطقين ، ويؤكدون أن الزيود ، شأنهم شأن الفارسيين ، لا يحترمون الخلفاء الذين خلفوا محمدا صلىاللهعليهوسلم مباشرة. تتردد بعض القصص التى مفادها أن زيود اليمن يكتبون اسم معاوية على أقذر الأماكن فى منازلهم ، وذلك من باب الاحتقار لذلك الرجل ، لكن هذه المفاهيم لا يجاهر بها هؤلاء الزيود ، وأن الأشراف يتفقون ظاهريا مع كل ما يقول به أهل السنة ، وذلك بغض النظر عن آرائهم الخاصة.
سبق أن قلت إن قاضى مكة يوفد سنويا من إسطنبول ، طبقا أو تمشيا مع الإجراءات الحكومية التركية المعتادة فيما يتصل بالمدن الكبرى فى الإمبراطورية التركية. وقد بدأ ذلك النظام بالأباطرة الأوائل ، الذين ظنوا أنهم إذا ما حرموا الحكام المحليين من إقامة العدل ، ووضعوا إقامة العدل هذه بين أيدى عالم يوفد من إسطنبول