المكان الذى وقف عليه محمد صلىاللهعليهوسلم ذات مرة ، بعد الانتهاء من الصلاة ، ورأى منه مكة رؤية واضحة ، كما رأى أيضا كل ذلك الذى كان القرشيون يفعلونه فى مكة ، ثم يرى الحاج بعد ذلك ، المكان الذى نزل فيه الوحى على محمد صلىاللهعليهوسلم بالآيات ذات الصلة بأهل قباء والتى تقول : (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) ١٠٨ التوبة. فى هذه الآية ، نجد إشارة إلى النظافة الشخصية غير العادية عند أهل قباء ، وبخاصة فيما يتصل بعملية الوضوء.
لم أشاهد أية نقوش أو كتابات فى هذا المسجد ، اللهم باستثناء تلك النقوش التى هى عبارة عن أسماء للحجاج الذين كتبوا هذه الأسماء على الجدران والحوائط المدهونة باللون الأبيض ، وهذه عملية يغرم بها الرحالة الشرقيون ، شأنهم فى ذلك شأن السائحين الأوروبيين ، وغالبا ما يضيف الرحال أو السائح إلى اسمه بعضا من أبيات الشعراء الشهيرين ، أو آيات من آيات القرآن. مسجد قباء يشكل بهوا ضيقا من أبهاء الأعمدة ، التى تحيط بصحن مفتوح يقع فيه مبرك الناقة ، ومن فوقه قبة صغيرة ، يصل ارتفاعها إلى حوالى ستة أقدام. أثناء خروجنا من المسجد ، حاصرنا جمهور من الشحاذين. وعلى مقربة من المسجد ، وبين المنازل يوجد مصلّى صغير ، يطلق الناس عليه اسم مسجد على ، تكريما (لسيدنا) على رضياللهعنه ، ابن عم محمد صلىاللهعليهوسلم. وبالقرب من مسجد على ، وفى بستان من البساتين ، توجد بئر عميقة يسمونها العين الزرقاء ، فيها مصلّى صغير بنى عند فتحة تلك البئر. كانت هذه البئر أثيرة عند محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقد اعتاد الجلوس بين الأشجار مع أصحابه وأتباعه ، ليتمتع برؤية الماء وهو ينساب على شكل نهر أو مجرى شفاف ورائق ؛ وهذا الشىء إلى يومنا هذا يسترعى وبشدة انتباه مواطنى الشرق ، وإذا ما أضفنا إلى ذلك شجرة وارفة الظلال ، فلربما تحول ذلك إلى المنظر الطبيعى الوحيد الذى يعجبهم. حدث ذات مرة ، عند ما كان النبى صلىاللهعليهوسلم جالسا فى هذا المكان أن سقط خاتم النبى صلىاللهعليهوسلم فى البئر ، ولم يعثر عليه قط مرة ثانية ، وفرضية وجود الخاتم فى ذلك البئر إلى يومنا هذا ، هى التى جعلت تلك البئر شهيرة ، ماء هذه البئر مالح فى الأساس ومذاقه كبريتى إلى حد ما ، لكنه يفقد ذلك المذاق الكبريتى عند ما ينساب فى المجرى. ماء هذه البئر