الشرق ، والسهل فى هذه المنطقة يطلق الناس عليه اسم السلسلة ، كان طريقنا فى السهل يتجه صوب الغرب ثم الجنوب ثم الغرب مرة ثانية. كانت الصخور المنتشرة فى هذا القسم من السهل من النوع الجيرى ، وبعد انقضاء ثلاث ساعات ونصف الساعة دخلنا الجبل من جديد ، وواصلنا مسيرنا فى وديانه ، ورحنا ننزل ببطء من فوق الجبل ، واستمر ذلك النزول الليل بكامله ، ومع طلوع النهار مررنا بالسهل الذى يطلق الناس عليه هنا اسم الفريش ، وهو المكان الذى خيمت فيه فى اليوم السابق لوصولى إلى المدينة المنورة ، وتوقفنا للراحة بعد مضى اثنتى عشرة ساعة ونصف الساعة ، فى الجزء العلوى من وادى الشهداء. (*)
اليوم الثالث والعشرون من شهر إبريل. بعد أن أنزلنا أمتعتنا ، انهمر مطر غزير مصحوب بصوت رعدى وومضات برقية فظيعة ، وإن هى إلا لحظات حتى فاض الوادى عن آخره ، وهنا رأينا أن من الأوفق تمضية النهار كله هنا فى هذا المكان ، ولذت بخيمة من خيام ذلك التاجر المسقطى. توقفت العاصفة فى فترة العصر ، وبدأنا مسيرنا عند الساعة الثانية مساء ، وبعد مرور ساعة من الزمن من تجاوزنا مقبرة الشهداء ، أتباع محمد صلىاللهعليهوسلم ، الذين يقال إن أربعين منهم مدفونون فى هذه المقابر ، واصلنا مسيرنا ببطء نازلين إلى الوادى ، فى الاتجاه جنوب جنوب غرب. وفى أعالى وادى الشهداء ، بدأت تطالعنا صخور الجرانيت ، وكانت السلاسل العليا من تلك الصخور جيرية الطابع ، وبعد مضى خمس ساعات خرجنا من الوادى ، وفى الليل تجاوزنا سهول شعب الحال ونازية ، وبعد أن أمضينا ثلاث عشرة ساعة ونصف الساعة سائرين ، توقفنا وخيمنا فى الجبال ، فى الوادى الواسع الذى يسمونه وادى مضيق ، الذى يقع على الطريق الواصل بين نازية والجديدة ، التى تبعد مسير ساعتين عن نازية ، والتى سبق أن مررت بها أثناء الليل فى رحلتى السابقة. بلغنى أن هذه
__________________
(*) مسافات هذه الرحلة لا تتفق تماما مع المسافات التى أوردتها عند حضورى إلى المدينة المنورة ، لكنى أفضل الحديث عن هذه المسافات طبقا لما ورد فى يومياتى.