اليوم السادس والعشرون من شهر إبريل. أمضينا هنا يوم أمس بكامله. بقى بعض من أهل بدر يحرسون قافلتنا طوال الليل نظير حصولهم على مجاملة صغيرة. المكان هنا عامر باللصوص ، وكنا قد خيمنا خارج بوابة البلد. غادرنا بدر فى المساء وسرنا فى اتجاه شمالى ٤٥ غرب ، وبعد أن سرنا مدة ثلاثة أرباع الساعة ، وصلنا إلى سلسلة التلال الرملية سالفة الذكر ، التى يطلقون على أعلى قممها اسم جوز على ، تخليدا للمكان الذى احتله (سيدنا) على أثناء معركة بدر. مشينا فى تلك التلال الرملية مدة نصف الساعة بصعوبة بالغة ؛ إذ كانت الرمال عميقة جدا ، ثم نزلنا بعد ذلك إلى السهل الغربى الذى يمتد إلى أن يصل إلى البحر ، الذى يمكن الوصول إليه من بدر خلال مسير ليلة واحدة ، وفى هذه المنطقة يوجد ميناء صغير ، يقع جنوبى ينبع ، ويسمونه البريك ، وتتردد عليه حركة ملاحية كبيرة. كان السهل الذى دخلناه من الاتجاه غرب ١ شمال عامرا بالأجمات والأشجار المنخفضة. أثناء مسيرنا فى الليل رأينا نيران مخيمات بدوية متباينة. التقينا أيضا حاجّين زنجيين ، كانا قد بدءا مسيرهما من ينبع وحدهما ، وكانا بحاجة ماسة إلى الماء ، أعطيناهما لحما وأسقيناهما ، ووجهناهما إلى مخيمات البدو. أمثال هذين المسافرين يسلكون طريقهم عبر الصحراء بلا بوصلة ؛ هذا يعنى أنهما يتحدد لهما الطريق والمسار قبل بداية الرحلة ، ثم يسلكون ذلك الطريق بعد ذلك ، على شكل خط مستقيم يسيرون فيه ليلا ونهارا إلى أن يصلوا إلى محطات وصولهم. بعد أن سرنا مدة عشر ساعات بدءا من نجد ، بدأنا نخيم مع طلوع النهار فى جزء من السهل تنمو فيه أشجار السنط المنخفضة ويطلق الناس عليه اسم عضيبة.
اليوم السابع والعشرون من شهر إبريل. وجدت نفسى فى حال سيئ فى صباح هذا اليوم. فقد انتابتنى نوبة غثيان وقئ شديدة ، وعرق شديد جعل الليلة الأخيرة أشد وأبشع وأقسى الليالى التى خبرتها فى أسفارى كلها ، ودارت مشادة بينى وبين مرشدى حول مسألة الطعام ، الأمر الذى زاد من تأثير الحمى علىّ فى ذلك اليوم ، والذى ربما أسهم فيه ذلك الاسترخاء العصبى الذى مررت به مؤخرا. عن يمينى هنا ، وفى اتجاه الشمال ، وعلى بعد مسير حوالى ست ساعات ، أرى سلسلة من الجبال المرتفعة