فى وقت السلم ، تبدأ القافلة المسافرة إلى المدينة المنورة كل أسبوعين ، ولكن هذه القافلة أصبحت تقوم كل شهر بعد النقص الحاد فى عدد الإبل. هناك بطبيعة الحال نقل عن طريق البر بين كل من جدة ومكة ، وأحيانا يكون هناك نقل إلى بلدة الوجه والمويلح ، وهاتان المحطتان من المحطات المحصنة الخاصة بالقافلة المصرية على البحر الأحمر. أهل ينبع مهربون جسورون ، ولا تدخل سفينة من سفنهم الميناء إلا بعد أن يكونوا قد هربوا جزءا كبيرا من حمولتها إلى البر عن طريق السرقة ، وذلك من باب تحاشى الجمارك الكبيرة. يدخل الميناء أثناء الليل جماعات الواحدة منها تضم عشرين رجلا مسلحا أو ثلاثين ، لا هدف لهم سوى عملية التهريب ، وإذا ما انكشف أمرهم راحوا يقاومون موظفى الجمرك عن طريق القوة.
الحدود الخارجية لينبع جرداء تماما ، ولا يرى أحد فيها الأشجار أو الخضرة داخل الأسوار أو خارجها. والأرض فى المنطقة الواقعة خلف الأرض المالحة ، المجاورة للبحر ، نجد أن السهل تغطيه الرمال ، ويستمر ذلك السهل إلى أن يتصل بالجبال. فى الشمال الشرقى نشاهد جبلا عاليا ، ومن هذا الجبل تتفرع سلسلة كبيرة تسير فى الاتجاه الغربى نحو بلدة بدر. وأنا أرى أن هذا هو جبل ردوه الذى يأتى الجغرافيون العرب على ذكره فى كثير من الأحيان. وهذا هو السمهودى يقول : إن جبل ردوه هذا يبعد مسير يوم واحد عن ينبع ، ومسير أربعة أيام عن المدينة المنورة. وعلى بعد مسير ساعة واحدة فى شرق المدينة توجد مجموعة من آبار المياه الحلوة ، يطلقون عليها اسم العسيلية ، التى تستخدم مياهها فى رى حقول البطيخ. البدو يخيمون فى هذه المنطقة فى بعض الأحيان ؛ فى ذلك الوقت كان هناك آلاى من الخيالة الأتراك الذين نصبوا خيامهم بالقرب من هذه الآبار.
ينبع فيها آبار عدة لكن ليس فيها خزانات للماء. ماء الشرب يجرى الحصول عليه من خزانات كبيرة ، تبعد مسير حوالى خمس دقائق عن بوابة المدينة ، حيث يجرى تجميع مياه الأمطار. وقد جرى حفر قنوات صغيرة عبر السهول المجاورة ، لتوصيل مياه المطر إلى تلك الخزانات. هذه الخزانات واسعة ، ومبطنة جيدا ، لأنها مستودعات