منزل الجيلانى أفضل المنازل فى منى ، كان يزدحم دوما بالزائرين الذين كان يعاملهم
معاملة سخية وطيبة. كان منزل القاضى ومنازل عائلات السقّاط الغنية قريبة من بيت
الجيلانى ، وعلى الجانب نفسه من الطريق ، كانت هناك صالة ضيقة طويلة جرى مؤخرا
ترميمها وتجهيزها ، حيث كان يعرض فيها حوالى خمسون من أصحاب الدكاكين الأتراك ومن
المكيين بضائعهم. منازل الصف الشمالى كلها مخربة ومهدمة تقريبا. صف الدكاكين (رقم
١٦) كان مفتوحا وبلا أبواب. كانت هناك أيضا مظلات كثيرة جرى إنشاؤها أو نصبها فى
وسط الشارع ، وكانت تبيع الأطعمة بكميات وفيرة ، لكن بأسعار عالية.
عند منحدر الجبل فى الناحية اليسرى ، والذى يطلقون عليه جبل الزبير ، يوجد مكان يزوره الحجاج ، هذا المكان ، على حد بعض الروايات ، هو المكان الذى دعا فيه إبراهيم ربه أن يسمح له بالتضحية بولده. فى هذا المكان توجد صخرة جرانيتية مشقوقة إلى نصفين ، بفعل سقوط السكين الذى كان فى يد (سيدنا) إبراهيم ، فى اللحظة التى ظهر له (سيدنا) جبريل وأراه الكبش بالقرب منه ، وبعد أن لمس السكين الصخرة انشقت إلى قسمين ؛ ولذلك فإنه من باب تأبين هذه الأضحية يتعين على المؤمنين بعد الانتهاء من الحج ، أن يذبحوا أضحياتهم. لا يتفق المعلقون على الشريعة حول الشخصية التى أراد (سيدنا) إبراهيم التضحية بها ؛ البعض يقولون إنه (سيدنا) يعقوب ، لكن الغالبية تقول : إنه (سيدنا) إسماعيل. وإلى جوار هذه الصخرة مباشرة يوجد تجويف صغير ، يتسع لحوالى أربعة أشخاص أو خمسة ، ويقال إن (ستنا) هاجر قد ولدت فيه (سيدنا) إسماعيل ، وهذا يتعارض تعارضا صريحا مع الحديث النبوى الذى يقول : إن (سيدنا) إسماعيل ولد فى سوريا ، وإن أمه هاجر حملته إلى الحجاز ، عند ما كان طفلا يتغذى من صدرها ، لكن التجويف الصغير يدل دلالة واضحة على استبدال منى بسوريا باعتبارها محلا لميلاد أبى البدو ، وبخاصة أن هذا المكان يدر كثيرا من عطايا الإحسان على المكيين ، الذين يتحلقون حول المكان ناشرين فيه مناديلهم. وفى المنطقة التى ينتهى الوادى عندها من ناحية مكة ، يوجد منزل صغير للشريف يحيى ، لكى يذبح فيه أضحيته ، ويتحلل فيه من ملابس الإحرام. وقد ذكر أن هناك مسجدا يسمى مسجد العشرة ، والذى اعتاد