بعض الحجاج يتطلعون إلى الحصول على لقب «خادم المسجد» أو بالأحرى خادم الجامع ، وهذا يكلف الحاج مبلغ ثلاثين دولارا ، ونظير هذا المبلغ ، يحصل الحاج على ورقة ، تضفى هذا اللقب على طالبها ، ويتسلمها المشترى موقعة من كل من الشريف والقاضى. ومسألة السماح ، حتى للمسيحيين بالحصول على امتياز تسميتهم باسم خدم المسجد ، مسألة شائعة ويعرفها الجميع ، والذين يسعون إلى شرف الحصول على هذه الشهادة هم السكان الإغريق الذين يسكنون جزر الأرخبيل وشواطئها ، وهذه الشهادة لها قيمتها واحترامها عند السواد الأعظم من المغربيين المتشددين عند ما يأسر القراصنة من البربر هؤلاء اليونانيين. لقد شاهدت قبطانا يونانيا يحصل على شهادة من هذا القبيل لقاء مائتى دولار ؛ كان ذلك اليونانى يقود قاربا من قوارب «الدهو» الخاصة بمحمد على باشا ، وهو حاليا فى طريق عودته إلى بلده ، كان الرجل يشعر بالسعادة والرضا لأن هذه الشهادة سوف تؤمن أية سفينة من السفن التى سيقودها بعد ذلك فى الأرخبيل من أخطار القراصنة. لقب خادم هذا ، كانت له فى الأزمان السابقة أهمية أكثر من أهميته الحالية ، وأنا أقرأ عند كثير من مؤرخى مكة (المكرمة) كثيرا عن الشخصيات العظيمة التى تضيف ذلك اللقب إلى أسمائها.
بعد عودة الحج من منى يتحول الشارع الرئيسى فى مكة إلى مكان يصعب أو يستحيل تجاوزه بسبب الجماهير الحاشدة المتجمعة فيه ، وهنا يقوم تجار الحج السورى باستئجار بعض الدكاكين ، ويستفيدون منها إلى أقصى حد خلال فترة قصيرة ، يحصلون عليها على سبيل الهدية لكى ينجزوا معاملاتهم التجارية. من هذا الشارع يقوم الحجاج بشراء المؤن والتموينات اللازمة لرحلة العودة ؛ وهنا نجد أن السعى إلى المكسب يتملك العقول كلها ، من الأكابر إلى الأصاغر. جرت العادة أن تغادر قافلتان مكة (المكرمة) فى اليوم الثالث والعشرين من ذى الحجة ، بعد أن تكونا قد أمضيتا عشرة أيام فى المدينة. فى بعض الأحيان يجرى التغلب على قائدى هاتين القافلتين بواسطة التجار ، الذين يدفعون ثمنا عاليا ، لقاء تأخير انطلاق القافلة أياما