بعد أن تقدمت القافلة مسير ساعة وربع الساعة (*) ، تجاوزنا منطقة العمرة ، والطريق فى هذه المنطقة ممهد فى بعض أجزائه باستعمال الأحجار الكبيرة ، وبخاصة فى المطالع. مررنا خلال وديان من الرمل الثابت ، بين سلاسل غير منتظمة من التلال المنخفضة ، التى تنمو فيها بعض الأعشاب وبعض أشجار السنط. كان الطريق مستويا ، باستثناء مسافات قصيرة قليلة منه.
بعد خمس ساعات من مغادرتنا مكة ، مررنا على مبنى مخرّب يطلقون عليه اسم الميمونية ، يحتوى على رفات أحد الأولياء ، وكانت قبة هذا القبر قد دمرت بواسطة الوهابيين. يوجد بالقرب من هذا القبر بئر ماء يسر ، وبركة أو إن شئت فقل خزان مبنى من الحجر ، وكان هناك منزل صغير ملحق بالقبر يستعمله المسافرون. خلال الساعات الست الأولى من سفرنا من مكة كان الطريق يتجه صوب الشمال الغربى ، إلى أن وصلنا إلى تل منحدر يتعذر على القوافل تجاوزه ، ولذلك يممنا وجهنا شطر أقصى الشمال الغربى إلى وادى فاطمة ، الذى وصلناه بعد مسير دام ثمانى ساعات من مكة ، أى مع بزوغ خيوط الفجر الأولى.
فى اليوم السادس عشر من شهر يناير. نزلنا فى المكان الذى تستريح فيه قوافل الحج فى اليوم السابق لوصول هذه القوافل إلى مكة ، وهذا المكان فى جزء من أجزاء وادى فاطمة ، ويطلقون عليه اسم وادى الجموم. وادى فاطمة عبارة عن أرض منخفضة ، تكثر فيها عيون الماء والآبار ، يمتد شرق شمال شرق إلى مسافة تقدر بمسير أربع ساعات أو خمس إلى أن يكاد يتصل بوادى الليمون. والناس يطلقون هنا على الطرف الغربى من وادى فاطمة اسم مدوع. وإلى الغرب من المكان الذى قصدناه للراحة ، نجد أن وادى فاطمة ينتهى بعد مسير ساعة ونصف الساعة ؛ إذ يبلغ إجمالى طول وادى فاطمة حوالى مسير ست ساعات. والجانب الغربى من وادى فاطمة هو بمثابة المزارع الرئيسية ، ومن الناحية الشرقية لا يزرع من الوادى سوى بعض المناطق
__________________
(*) كنت قد اشتريت ساعة من مكة ، كما حصلت أيضا على بوصلة جيدة من السفينة الإنجليزية فى جدة.