وصول القافلة ، وفجأة زحف علىّ خمسة من البدو من الأدغال المحيطة بى وخطفوا فجأة عصاى ، سلاحى الوحيد ، التى كانت موضوعة على الأرض من خلفى. قال لى رئيسهم ، إننى بلا أدنى شك ، هارب من الجيش التركى ، وبالتالى فأنا جائزة لهم. لم أقاومهم ، لكنى عند ما وجدت أنهم أقل تصميما وتشددا من البدو ، خلصت إلى أنهم خائفين إلى حد ما ، وهنا قلت لهم : إنى حاج وإنى تابع لقافلة كبيرة يرافقها بدو قبيلة حرب لحراستها ، قلت لهم ذلك على أمل أن ينتظروا قليلا قبل أن يستوقفونى ، علهم يتأكدوا من حقيقة وصول القافلة ، وأخبرتهم أيضا أن من الأفضل لهم ألا يمارسوا معى أى نوع من العنف ؛ نظرا لأن مرشدينا سوف يعرفون المعتدين ويبلغون عنهم ، وبذلك يمكن أن يطالهم عقاب من بيده الأمر ، تأكدت أنهم لم ينتووا إيذائى ، ولم يتملكنى الخوف ، وبخاصة أنى لم أكن أرتدى سوى لباس السفر ولم يكن معى من المال سوى بضعة دولارات ، هذا إذا ما بلغ السيل الزبى. قام أحدهم ، وهو رجل كبير السن ، بالنصح لهم بالانتظار قليلا ؛ إذ ليس من اللياقة تحمل النتائج المترتبة على سرقة حاج من الحجاج. طوال هذا الحوار ، كنت أنظر قلقا إلى قدوم القافلة ، لكن يبدو أن القافلة كانت قد توقفت مدة ربع الساعة ، حتى يتمكن المسافرون من أداء صلاة العشاء ، وهذا تقليد يومى ، كنت أنا أجهله. جاء هذا التأخير فى غير مصلحتى ، وكنت أتوقع فى كل لحظة ، أن يقوم هؤلاء اللصوص بتجريدى من ملابسى ، وهنا بدأنا نسمع وقع أقدام الإبل ، وهنا تراجع البدو فجأة مثلما جاءوا.
وعلى الرغم من أن الطريق من مكة إلى المدينة (المنورة) كان آمنا على القوافل غير المسلحة ، التى من قبيل قافلتنا ، فإن من يضلون الطريق أو يشردون يكونون دوما معرضين للأخطار ، ولو لا الفزع والرعب ، الذى دب فى قلوب البدو ، قبل أيام قلائل ، بسبب انتصار محمد على باشا على الوهابيين ، لكنت قد عوقبت عقابا شديدا على جرأتى على السير وحيدا. سرنا القسم الأكبر من الليل ، فى سهل زلطى أكثر منه رملى ، تنمو فيه أشجار العشور بين أشجار السنط ، التى سبق أن أتيت على ذكرها فى أسفارى فى بلاد النوبة. هذا الجزء من البلاد يسميه الناس البركة ، وبعد سبع ساعات توقفنا فى القارة.