إلى ذلك أن الكثيرين من أولئك الذين يزرعون الأرض ، يمضون جزءا من العام فى خيام ينصبونها فى الصحراء ، مستهدفين بذلك رعى ماشيتهم على العشب البرى. ويختلط مع هذه القبيلة فى خوليس بعض العائلات القليلة من بنى عمر (ويصح فيه أيضا عامر) (*) الذين هم فرع آخر من حرب.
قبل الغزو التركى ، كانت العملة المعتادة فى هذا السوق هى الذرة ، لكن فى هذه الأيام يتعامل الناس بالقروش والبارات. خوليس ، ترسل فى معظم الأحيان قوافل صغيرة إلى جدة ، التى تبعد عن هذا المكان رحلة تقدر بمسير يومين طويلين ، أو إن شئت فقل : ثلاث رحلات من رحلات القوافل. قيل لى إن الجبال المحيطة بقرية خوليس يسكنها البدو. وعلى بعد مسير حوالى ثلاث ساعات ، فى الاتجاه الشمالى الشرقى ، يوجد واد خصيب يسمونه وادى الخوار ، الشهير بمزارع الموز المتعددة ، الذى يجرى منه تزويد أسواق كل من مكة وجدة بهذا النوع من الثمار.
الثامن عشر من شهر يناير : بعد أن ملأنا قراب الماء ، واصلنا مسيرنا عند الساعة الثالثة بعد الظهر ، وكان اتجاه مسيرنا شمال ٢٠ شرق عبر سهل من السهول. وبعد مسير ساعتين وصلنا إلى تل عال ، يطلقون عليه اسم ثنية خوليس ، وكان الجانب المنحدر من هذه الثنية مغطى تماما بالرمل ، الذى كانت إبلنا تمشى فيه بصعوبة بالغة فوق قمة هذه الثنية شاهدنا بعض الأنقاض لمبان كبيرة متهدمة ، يضاف إلى ذلك أن الطريق على جانبى التل تحده الأسوار ، منعا لتراكم الرمال. كان الطريق مغطى ببقايا جثث الإبل ، التى هى من مخلفات قوافل الحج فى الزمن الماضى. وعند ما صعدنا الجانب الثانى ، ظهر أمامنا سهل فى اتجاه الشمال والشرق ، عند مدد الشوف. فى الاتجاه نحو شمال شرق شاهدنا جبالا عالية ، تبعد عنا مسافة تقدر بما يتردد بين عشرين ميلا وثلاثين ميلا ، وبعد أن نزلنا فى السهل ، سرنا فى الاتجاه شمال ١٠ غرب ، وبعد ثلاث ساعات ونصف الساعة ، تحول السهل الزلطى إلى سهل رملى
__________________
(*) يجب عدم الخلط بين بنى عامر وعمر ، التى هى قبيلة أخرى من حرب.