عامر بأشجار الطرفاء (الأثل) ، التى تجود فى الرمال ، وفى المواسم شديدة الجفاف ، فى حين تذوى من حولها الحياة النباتية الأخرى ؛ أشجار الطرفاء هذه لا تفقد خضرتها مطلقا ، ومن بين الأشجار الأكثر شيوعا فى صحراء الجزيرة العربية ، بدءا من الفرات إلى مكة ، كما تكثر أشجار الطرفاء أيضا فى الصحراء النوبية ، وأطراف الطرفاء الصغيرة تعد طعاما ممتازا للإبل. عند الساعة الرابعة والربع ، أو بالأحرى بعد مرور أربع ساعات وربع الساعة ، اكتشفنا أن الطريق تغطيه طبقة من الملح ، أو بالأحرى قشرة من الملح ، مما يدل على قرب المنطقة من البحر ، واعتبارا من هذه المنطقة بدأ طريقنا يتشعب فى اتجاهات مختلفة.
طبقا لما هو شائع فى الحجاز ، نجد أن الإبل تمشى فى صف واحد ، بحيث تربط الإبل التى فى الخلف فى أذيال الإبل التى تسير فى الأمام ، والعربى الذى يركب فى بداية القافلة هو المسئول عن قيادة القطيع ، لكنه فى كثير من الأحيان يروح فى النوم ، شأنه فى ذلك شأن رفاقه الذين يسيرون خلفه ، وهنا يسير الجمل الذى يحمله على هواه لا على هوى راكبه ، وغالبا ما يسفر ذلك عن أن تضل القافلة طريقها. بعد مسير دام اثنتى عشرة ساعة ، نزلنا فى واحدة من محطات الحج التى يسمونها قلّية ، كما يطلقون عليها أيضا اسم قبيبة. يزاد على ذلك أن كل بقعة فى سهول الجزيرة العربية لها اسم محدد ، ومثل هذه المناطق المحددة تحتاج إلى عينى البدوى وخبرته التى تميز منطقة صغيرة عن أخرى ، من هنا نجد أن مختلف أنواع العشب والمراعى فى تلك الأماكن تعد عونا كبيرا فى محاولة تمييز المواقع بعضها عن بعض ؛ والبدو عند ما يودون ذكر منطقة من هذه المناطق أو موقعا من هذه المواقع ، عند بعض رفاقهم ، عند ما لا يكونون عارفين لاسم هذا الموقع ، يعمدون إلى الإشارة إلى تلك المنطقة أو الموقع بالأعشاب والنباتات التى تنمو فيه ، وهذا يتجلى فى أقوال البدو التى من قبيل : أبو شيخ ، وأبو عجال ، إلخ.
بعد مسير ساعتين من المكان الذى نلنا فيه قسطا من الراحة ، وفى اتجاه الشمال الشرقى ، يوجد ماء ، وبيارة نخيل صغيرة ، وبلغنى أن البحر يبعد عن هذه