المنطقة زراعى ، وبذلك نجد أن بيارات النخيل تجعل من رابغ مكانا مرموقا على هذا الطريق. بعض أشجار التمر الهندى تنمو بين النخيل ، وكان ثمرها الأخضر ناضجا ويسر الناظرين. تنمو فى مكة أيضا أشجار قليلة من أشجار التمر الهندى ، وهذه الثمار ناضجة فى الوقت الحالى. كانت الأمطار قد سقطت هنا مؤخرا ، وكانت الأرض محروثة فى سائر الأنحاء. محاريث هؤلاء العرب التى تجرها الثيران أو الإبل ، تشبه تلك المحاريث التى وصفها نيبور ، وأنا أعتقد أن هذه المحاريث من النوع الذى يستخدم فى الحجاز وفى اليمن (*). تمتاز رابغ بأن فيها عددا من الآبار ، وماء هذه الآبار كله صالح للشرب : قرب رابغ من البحر ، وقد علمت أنها تبعد عن البحر مسافة ستة أميال أو سبعة ، على الرغم من أن النخيل يحجب منظرها ، وهذا القرب هو الذى جعل كثيرا من سفن البلاد تقصدها طلبا للماء. بدو هذا الساحل من الصيادين المهرة ، وهم يحضرون الأسماك المملحة إلى رابغ من موانئ بعيدة ، ويمكن العثور على هذه الأسماك المملحة بكميات كبيرة فى السوق ، ويقبل أطقم بحارة السفن العربية على شراء هذا النوع من الأسماك ، ليستهلكوا قسما كبيرا منه ، ثم ينقلوا الجزء المتبقى إلى مصر أو إلى جدة. سكان رابغ هم ـ كما سبق أن قلت ـ من قبيلتى عامر وزبيد ، مع التركيز على الزبيد. فى الجبال المقابلة ، فى الناحية الشرقية ، يعيش بنو عوف ، الذين هم قبيلة أخرى من قبيلة حرب ، والحجاج الذين يفدون بطريق البحر من مصر إلى جدة ، يتحتم عليهم الإحرام من المنطقة المقابلة لرابغ ، الأمر الذى يجعل الحجاج يحرمون إما على الشاطئ وإما على ظهر المركب.
وقع حادث هنا ، كشف عن غياب البر والإحسان تماما بين رفاقنا من أهل الملايو. كان هناك كثير من أهل الملايو الفقراء ، الذين عجزوا عن استئجار جمل يركبونه ، الأمر الذى جعلهم يتبعون رفاقهم سيرا على الأقدام ، لكن نظرا لطول رحلاتنا الليلية ،
__________________
(*) أنا لا يمكن أن أتصور السبب الذى جعل بطليموس يضع نهرا فى الطريق ما بين مكة وينبع ؛ نظرا لأنه لا يوجد نهر يصرف ماءه فى البحر فى أى مكان من الحجاز ، وفى فصل الشتاء تندفع سيول كثيرة نازلة من الجبال.