الإبل ، وبعد مضى ثلاث عشرة ساعة ، دخلنا أرضا مستوية فى أعلى ذلك الوادى ، وبعدها دخلنا وادى الصفراء ، القريب من القرية التى تحمل الاسم نفسه ، والذى نزلنا فيه طلبا لقسط من الراحة.
اليوم الثالث والعشرون من شهر يناير. نظرا لأن إبلنا كانت متعبة ، لعدم عثورها على شىء من الغذاء على الطريق ، وعلى الرغم من إطلاقها ترعى طوال فترة الصباح كلها ، الأمر الذى جعل الكثير من هذه الإبل تهدد بالانهيار والنفوق ، على الرغم من كل ذلك توقف الجمالة هنا فترة النهار كلها. والصفراء شأنها شأن القرى الأخرى عبارة عن سوق لكل القبائل المحيطة بها ؛ كانت قرية الصفراء مبنية على منحدر الجبل وفى الوادى الضيق ، تاركة بذلك متسعا لبيارات النخيل التى بجانبى القرية. هناك نهير غزير المياه ينساب نازلا إلى الوادى ، ومياه هذا النهير موزعة بين أشجار النخيل ، كما تروى هذه المياه أيضا بعض الحقول المزروعة فى الأجزاء المتسعة من ثنيات والتواءات ذلك الوادى. القمح ، والذرة ، والشعير ، والدخن تزرع فى هذا الوادى ، كما يزرع الناس هنا بعض الخضروات مثل الباذنجان ، والملوخية ، وكذلك البصل والفجل ، كما تكثر فى هذا الوادى أيضا أشجار الكروم ، والليمون وكذلك أشجار الموز. والتربة رملية فى سائر أنحاء هذا الوادى لكن الرى يزيد من خصوبتها ، وقد سقطت على الوادى أمطار غزيرة منذ ثلاثة أيام ، اعتبارا من يوم وجودنا فى هذا الوادى ، وكان لا يزال هناك سيل كبير ينساب عرضه حوالى عشرين قدما وعمقه حوالى ثلاثة أقدام أو أربعة. وتمتد بيارات نخيل التمور حوالى أربعة أميال ، وهذه البيارات مملوكة لسكان قرية صفراء ، هم والبدو المجاورين لهم ، الذين يجعلون البعض منهم ، أو إن شئت فقل : العمال العرب ، مسئولين عن رى هذه الأراضى ، على أن يعودوا هم إلى هذه الأراضى عند ما ينضج محصول التمر. ونخيل التمر ينتقل من شخص إلى آخر على سبيل التجارة ، ويباع بالواحدة ، يزاد على ذلك أن المهر الذى يدفع لولى العروس البكر عند الزواج منها ، يكون على شكل عدد من النخيل. والنخيل ينمو فى الرمال العميقة التى يجرى جمعها من الأجزاء الوسطى من الوادى ، ويجرى تكويم هذه