ما يقيم أودهم سوى ذلك الذى كان يحصلون عليه من كرم البدو على الطريق. لم تكن هذه أول مرة أتأمل فيها الإساءة إلى كرم الخلفاء والسلاطين العظام السابقين ، وبخاصة أن هؤلاء الخلفاء والسلاطين أثروا كلا من مكة والمدينة (المنورة) ، وأنفقوا مبالغ باهظة من أجل مرور قوافل الحج الكبيرة عبر الأراضى المقدسة ، ولكنهم أهملوا تماما مسألة توفير الراحة والأمن لعدد كبير من فقراء الحجاج الذين يترحلون بصورة مستمرة فى سائر أنحاء البلاد. لو أنشأوا ستة منازل من منازل الخير والإحسان فى المسافة ما بين مكة والمدينة ، وخصصوا لها هبة سنوية تقدر ببضعة آلاف من الدولارات ، لجاء ذلك بمثابة خدمة واقعية لمسألة الدين ، وذلك على العكس من المبالغ الكبيرة التى ينفقونها على إطعام العاطلين ، أو فى المظاهر الاستعراضية. هذا الطريق الممتد فيما بين مكة والمدينة (المنورة) لا يوجد به خان (لوكاندة) ، ولم يفعلوا شيئا من أجل إراحة المسافرين ، اللهم باستثناء مسألة ترميم الآبار وصيانتها. والشىء الوحيد الذى يعد من أعمال الإحسان من بين أعمال الملوك الذين أثروا مكة (المكرمة) ، والذى سجله المؤرخون ، يتمثل فى إنشاء مستشفى فى مكة فى عام ٦١٨ ه ، وذلك بناء على أمر من المؤيد ، سلطان مصر. ولا أثر لذلك المستشفى فى الوقت الحاضر.
فى شارع السوق فى قرية الصفراء ، والذى يطلقون عليه اسم سوق الصفراء ، تعد التمور هى السلعة الوحيدة المعروضة للبيع ، ورطل التمر الذى يباع فى مكة بخمس وعشرين بارة ، يباع هنا بعشر بارات فى سوق الصفراء. عسل النحل المعبأ فى قراب مصنوعة من جلود الأغنام ، يشكل سلعة أخرى من السلع التى تباع فى هذا السوق ، يزاد على ذلك أن الجبال المجاورة عامرة بخلايا النحل. فى هذه المناطق التى تشتهر بتردد النحل عليها ، يقوم البدو بوضع خلايا من الخشب على الأرض ، ولكن النحل يندر أن يخطئ هذه الخلايا. والعسل هنا من أجود الأنواع ، وقد شاهدت صنفا من هذا العسل كان أبيض ورائقا وشفافا كما لو كان ماء. العقاقير والتوابل ، وكذلك بعض العطور ، التى يغرم بها بدو هذه المناطق ، يمكن أيضا شراؤها من سوق الصفراء.