قرية الصفراء ، وقرية بدر هما القريتان أو بالأحرى المكانان الوحيدان فى الحجاز اللذان يمكن فيهما الحصول على بلسم مكة ، أو إن شئت فقل : البلسان ، بحاله النقية والشجرة التى يجرى منها الحصول على هذا البلسم ، تنمو فى الجبال المجاورة لهذين المكانين ، وبخاصة فوق جبل صبح ، وهم يطلقون على هذا البلسم هنا اسم بشيم العرب. قيل لى إن ارتفاع هذه الشجرة يتردد بين عشرة أقدام وخمسة عشر قدما ، وإن ساقها ناعم ، ولحاءها رقيق. فى منتصف الصيف ، يجرى إحداث خدوش صغيرة فى ذلك اللحاء ، ويجرى جمع العصارة التى تنتج عن ذلك باستعمال ظفر الإصبع الإبهام ، ويجرى وضعها فى وعاء ، ويبدو أن هذا النوع من الصمغ عبارة عن صنفين ؛ صنف منهما أبيض ، والصنف الثانى لونه خليط من البياض والصفرة ، والصنف الأول هو الأعلى قيمة ، وقد شاهدت هنا بعضا من هذا الصنف الثانى من البلسم ، موضوعا فى قربة صغيرة مصنوعة من جلد الغنم ، يستخدمها البدو فى جلب ذلك البلسم إلى السوق ؛ والبلسم له رائحة نفاذة مثل رائحة زيت الترابنتينا ، إضافة إلى أن له طعما لاذعا ، وأهل الصفراء عادة ما يغشون البلسم بخلطه بزيت السمسم ، والزفت ، وعند ما يختبرون نقاء البلسم ، يغمسون إصبعا فيه ثم يحاولون إشعال النار فى ذلك السائل ، وإذا ما اشتعل ذلك البلسم واحترق دون أن يترك أثرا فى الإصبع ، قالوا إنه من نوعية ممتازة ، أما إذا ترتب على ذلك إحراق الإصبع ، قالوا إنه مغشوش. وأنا أذكر أنى قرأت فى أسفار بروس ، عن طريقة لاختبار نوعية البلسم ، وذلك عن طريق إسقاط قطرة من البلسم فى كوب ملىء بالماء ، والنوع الجيد من البلسم ينزل إلى قاع الكوب ، أما النوع الردىء فيذوب فى الماء ويطفو على السطح. أجريت هذه التجربة التى لم تكن معروفة للناس هنا ، واكتشفت أن القطرة طفت فوق سطح الماء ، أجريت أيضا تجربتم على إصبع واحد من البدو ، الذى ندم على تهوره وطيشه. وهنا اعتبرت البلسم الذى يبيعه الناس هنا مغشوشا ؛ كانت كثافة البلسم هنا أقل من كثافة عسل النحل. كنت أود شراء شىء من هذا البلسم ، لكن لا لغتى ولا دكاكين الصفراء أسعفانى فى الحصول على قارورة أضع فيها ذلك الشىء من البلسم ، يضاف إلى ذلك أن القربة الكاملة كانت غالية الثمن علىّ ، والبدو الذين يجلبون البلسم إلى هذا المكان ،