يكون خربا فى هذه الأيام. واعتبارا من هذه النقطة يبدأ الوادى فى الضيق ، ممتدا بين صخور منحدرة مسافة مسير حوالى ربع ساعة. فى هذا المكان جرت هزيمة حملة محمد على باشا فى عام ١٨١١ م ، التى جردها ولده طوسون بك على الوهابيين. كان الوهابيون يسيطرون على الجبال من الجانبين ، ولذلك كانت طلقات البنادق تمر عبر الوادى من الجانبين ، عند ما كان الجيش التركى يحاول دون جدوى ، اجتياز ذلك المجاز. حضر هذه المعركة القسم الأكبر من شيوخ قبيلة حرب ، والشيخان الوهابيان الجنوبيان : عثمان المضايفة وتامى ، ومعهم اثنان من أولاد سعود.
عند الساعة السابعة والنصف ، أو بالأحرى بعد مرور سبع ساعات ونصف الساعة ، تجاوزنا قرية الخيف ، آخر قرى منطقة الجديدة ، وهنا شاهدنا أيضا منازل عدة منعزلة عن بعضها ، مبعثرة على طول الوادى. كان فى المنطقة حوالى ثمانون خيمة من خيام الجنود الأتراك ، وكان الهدف من هذه الخيام هو حراسة هذا الممر الذى يعد من أهم المواقع فى الحجاز ؛ لأنه الطريق الوحيد الذى تتمكن القوافل ، عن طريقه ، من الوصول قادمة من مكة أو ينبع إلى المدينة (المنورة). وقبيلة حرب جاهزة ، بحكم استعدادها للحرب ، للدفاع عن هذا الموقع. وحتى قبل الغزو الوهابى كانت قبيلة حرب تدخل بصورة مستمرة فى حرب مع القافلة السورية ، بل إن باشا الشام (الجزار باشا) جرى رفض مروره مرات عدة من هذا الموقع ، وأجبر على أن يسلك طريق الحج الشرقى ، الذى يقع خلف سلسلة الجبال الكبيرة ، بدلا من الخضوع لمطالب بنى حرب حتى يمكنه المرور عبر أراضيهم. يضاف إلى ذلك أن عبد الله باشا ، الذى قاد وترأس قافلة الحج شخصيا ثمانى عشرة مرة إلى مكة ، اضطر إلى أن يسلك أيضا الطريق الشرقى بدلا من الخضوع لمطالب بنى حرب. وبنو حرب عند ما يكونون على ود مع القافلة ، يصبح من حقهم الحصول على ضريبة مرور كبيرة يجرى تحصيلها فى منطقة الجديدة.
تبدت لى صفراء أفضل من الناحية السكانية عن الجديدة ، كما أن منازلها كانت أيضا أكثر عددا من منازل الجديدة. وأنا عند ما أتحدث عن هذا الممر (الشّعب) ،