وكل المصادر تقريبا التى تذكر أبا دلف تصفه بأنه شاعر وفى «يتيمة الدهر» وحدها توجد بعض نماذج أشعاره وهى عبارة عن عدة مقطوعات قصيرة وقصيدة واحدة كبيرة (١). وقد نقل الثعالبى هذه الأشعار عن معاصريه الشيوخ الذين أختلطوا بأبى دلف بصورة مباشرة.
ونفس الثعالبى وهو العلامة الخبير بالشعر يعتبر أبا دلف «شاعرا كثير الملح والظرف مشحوذ المدية فى الجدية» وهو يذكره فى عداد مشاهير عصره من الشعراء الذين اجتمعوا حول شرف ورعاية الصاحب الأديب المعروف (٢).
وقصيدته الرائعة بقافية الراء أتحف بها الصاحب فأعجب بها وأجزل صلته عليها (٣) وإلى جانب القيمة الفنية لهذه القصيدة فانها مهمة كمصدر للمعلومات عن الطابع الشخصى للمؤلف. وتمدح القصيدة نمط حياة «بنى ساسان» (٤) وهم على حد قول «ترويتسكى» قوم من الصعاليك المتسولين. (٥) ومن القصيدة نعرف أن التسول والصعلكة من السمات الأساسية لبنى ساسان ومن الضرورى لهؤلاء القوم أن يتصفوا بالخداع والحيلة والتظاهر وما شابه ذلك من أجل ابتزاز أموال الناس أيا كان وطن المرء أو دينه أو سنه أو جنسه أو حالته ، وفى أى مكان وفى أى ظرف. وهاك على سبيل المثال بعض حيل
__________________
(١) الثعالبى : يتيمة الدهر ج ٣ ص ص ١٧٤ ـ ١٩٤.
(٢) نفس المصدر ص ٣٢ / س ٢١ نفس المرجع ص ١٧٤ / س ١٦ ـ ١٧.
(٣) المرجع السابق ص ١٧٥ / س ٠٧.
(٤) هم قوم من العيارين والشطار لهم حيل ونوادر وقد وضعوا لهم اصطلاحات والفاظا منثورة فى القصيدة الساسانية لأبى دلف.
(٥) أ. ل : ترويتسكى : عن فنانى وموسيقى وسط آسيا (الاستشراق السوفيتى ج ٥ ١٩٤٨ ص ٢٦٠ ـ ٢٦١.