منهم إذا حضرته الوفاة أحضر القس ودفع إليه ما لا واعترف له بذنب مما عمله والقس يستغفر له وقد تضمن له الصفح والعفو عن سائر ذنوبه ويقال إن القس يبسط كسائه فكلما ذكر ذنبا بسط القس يده ثم قبضها وقال قد أخذته (١) ثم يطرحه فى كسائه (٢) فإذا لم يبق له ذنب (٣) جمع القس كسائه (٤) وحمله (٥) وخرج وقال قد حملت (٦) ذنوبك وأنا القيها فى الصحراء ويقرر فى نفسه الغفران والتجاوز. وليس هذه السنة فى شىء من الأديان كلها إلا فى هؤلاء. وهم ضرب من الأرمن فقط. وأصواتهم فى درس إنجيلهم وإيقاع نغمهم أطيب وأشجى من أصوات غيرهم من فرق النصارى. وترنمهم أبكى لقلب المحزون المائل طبعه إلى المراثى والنوح من رنات العرب بالندب. وألحانهم فى البيع أحلى على سمع الطرب الصابر لأن المرح والفرح من ترجيع الأغانى. ويقال ان ترتيب غنائهم بالأوتار لطيب صحيح. وفيها جبل يقال له «ماسيس» (٧) يخرج من أصله عيون كثيرة غزيرة لا تنقص عن حالها ولا تزيد ، باردة فى الصيف مانعة حامية فى الشتاء ، ناعمة ، لا يفارق الثلج رأسه شتاء ولا صيفا ، ويتولد فى ثلجه دود عظام جدا (٨) يكون الدودة نحو العشرين ذراعا وأكثر ،
__________________
(١) من أول «قبضها» ترد عند ياقوت : كما لى يلى» فإذا فرغ من اقراره بالذنب ضم احدى يديه إلى الأخرى كالقابض على الشىء».
(٢) عند ياقوت : «التراب»
(٣) عند ياقوت : «فإذا فرغ من اقراره بذنوبه».
(٤) يضيف ياقوت : «أطراف»
(٥) محذوفة عند ياقوت.
(٦) عند ياقوت : «أى أننى قد جمعت».
(٧) تسمية أرمنية لجبل «أرارات»
(٨) يرى كراتشكوفسكى أن فى هذه المعلومات الوهمية إشارة إلى العواصف