ثم تسير من هذه القنطرة إلى قرية كبيرة غناء كثيرة الخير يقال لها «أبا أيوب» (١) منسوبة إلى رجل من «بنى جرهم» (٢) يكنى أبا أيوب بناها وفيها دكان عظيم بالصخر وقد نقض بعض صخره رجل من الأكراد (٣) وبنى به حصنا عظيما يقال له «سرماخ» (٤) فى جبل مظل على هذه القرية. وبعد هذا المكان قنطرة أعظم ما تقدم ذكره وألقى صنعه تعرف بقنطرة النعمان وكان السبب فى بنائها أن النعمان بن المنذر فى بعض ما كان يفد على كسرى أجتاز بواد عظيم بعيد القعر شاق النزول والصعود. فبينما هو يسير فيه إذ لحق امرأة معها صبى تريد العبور. فلما جاءها موكبه وقد كانت كشفت ثيابها والصبى على عنقها ارتاعت ودهشت فألقت ثيابها وسقط الصبى عن عنقها فغرق ، فغم لذلك النعمان ورق لها ونذر أن يبنى هناك قنطرة فاستأذن كسرى فى ذلك
__________________
(١) قرية بين «قرميسين» وقصر اللصوص. عنها انظر : ياقوت : ج ١ ص ص ٤٣٦ ـ ٤٣٧.
(٢) جرهم : قبيلة عربية عاشت أو لا فى مكة ثم هاجرت إلى اليمن.
(٣) يقصد زعيم القبيلة الكردية «برزيكان» وهو حسنية بن الحسين الكردى البرزيكانى الذى حكم أباؤه مدة ٥٠ عاما مساحة هائلة من مناطق الدينور وهمدان ونهاوند واذربيجان وشهر زور وقد مات فى ٣٦٩ / ٩٧٩ ـ ٨٠ فى قلعة (سرماج) وأدى الخلاف بين ابنائه إلى انهيار سلطانه بسرعة انظر عنه : ابن الأثير ج ٧ ص ص ٥١٨ ـ ٥١٩.
(٤) سرماخ (مخطوط مشهد) أو شرماخ (ياقوت : ج ٣ ص ٢٨٠) أو سرماج (ياقوت : ج ٣ ص ٨٢ وابن الاثير ، ج ٧ ص ص ٥١٨ ـ ١٩. وهى حصن بناه حسنية (انظر الملاحظة السابقة) وفى مكانها سرماخ القديمة على الشاطىء الأيمن لنهر جماسى ـ آب فى ناحية طريق خراسان.