حسن يحمل إلى العراق يعرف بالبسطامى. وبها خاصيتان عجيبتان أحدهما أنه لم ير عاشق قط من أهلها ومتى دخلها إنسان فى قلبه هوى وشرب من مائها ، زال العشق عنه. والأخرى أنه لم يرمد بها أحد قط. ولا معدن فيها إلا شىء من مغنيسيا. ولها ماء مر ينفع إذا شرب على الريق ، من البخر وإذا إحتقن به أبرأ البواسير الباطنة. وتنقطع بها رائحة [العود ولو أنه من أجود الهندى ويزكو بها رائحة](١) المسك والعنبر والكافور وسائر أصناف الطيب إلا العود فإنه ينقطع. وبها حجارة سود يبيض الأسرب بها بياضا حسنا. وبها حيات صغار وثابات وذباب كثير مؤذ. وشرابها أخضر (٢). وعلى تل بازاء نهر فيها قصر مفرط السعة ، عالى السور ، كثير الأبنية والمقاصير يقال أنه من بناء شابور ذى الاكتاف (٣) ودجاجها لا تأكل العذرة (٤).
وسرت منها متياسرا إلى جرجان فى هبوط وصعود وأودية هائلية. وجرجان مدينة حسنة على واد عظيم فى ثغور بلدان السهل والجبل والبر والبحر وبها النخل والزيتون والجوز والرمان وقصب السكر والأترج وبها ابريسم (٥) جيد لا يستحيل صبغه وبها أحجار كثيرة لها خواص عجيبة وبها ثعابين تهول
__________________
البسطامى الذى يختصر اسمه عادة إلى بايزيد وقد عاش فى بسطام مع أن أهل المدينة طردوه منها عشرين مرة لإتهامه «بالهرطقة» أى الخروج عن المألوف من أمور الدين. مات سنة ٢٦٠ / ٨٧٤ م وشيد له فى بسطام مقام.
(١) ما بين القومسين من إضافة ياقوت
(٢) أى ماء الشرب بها لونه أخضر ومينورسكى يترجمها بأنها «الخمر»
(٣) شابور ذو الاكتاف هو شابور الثانى (٣١٠ ه ـ ٣٧٩ ه)
(٤) العذرة : أوساخ الأرض.
(٥) حرير