وسبعمائة ، بدار مظفّر من السّويقة بمكة ، وعنى به أبوه ، فأحضره فى الرابعة على الشيخ فخر الدين التوزرى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، وصحيح مسلم [.....](١) وعلى الصفى الطبرى ، وأخيه الرضى : صحيح البخارى وغير ذلك ، وعلى الرضىّ فقط : مسند الشافعى ، واختلاف الحديث له ، وصحيح ابن حبّان ، ثم سمعه عليه ، وسمع عليه صحيح البخارى أيضا ، وجامع الترمذى ، وسنن أبى داود ، والنّسائى ، والثقفيات ، وعلى العفيف الدلاصى : رسالة القشيرى ، وعلى والده : العوارف للسّهروردىّ ، وغير ذلك عليهم ، وعلى غيرهم من شيوخ مكة والقادمين إليها ، وحدّث باليسير.
سمع منه من شيوخنا : الحافظان أبو الفضل العراقى ، وأبو الحسن الهيثمى وغيرهم. وإنما حدّث باليسير من مروياته ، لتوقفه فى التحديث بمكة ، فى حياة الشيخ خليل المالكى ، ويقول : هو أولى بذلك ، كما ذكر لى عنه شيخنا ابن سكّر. وما علمت أنه سمع عليه ، إلا أنه أجاز له ، وتناول منه بعض مروياته ، فى العشر الأول من ربيع الأول ، سنة خمسين وسبعمائة ، بالحرم الشريف ، كذا وجدت بخطه ، أعنى ابن سكر ، وسألت عنه شيخنا السيد عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى ، هو ابن أخيه ، فذكر أنه كان ديّنا صالحا ، كثير الطواف ، خصوصا بالليل ، واصلا لرحمه ، يصحب أهل الخير كثيرا ، ويؤثرهم ، وكان صحب الشيخ داود وجماعة بالإسكندرية ، وأخذ عنهم ، وأذن له فى الفتوى ، ودرّس فى الحرم ، فى درس قرّره له بدر الدين الخرّوبى ، أحد تجار الكارم بمصر ، وتصدّق على يده بمائة ألف درهم ، وكان قاضى القضاة عز الدين بن جماعة ، وغيره من رؤساء الديار المصرية يعظمونه ، وكان قاضى القضاة يعتمده فى أمور الحرم بمكة ، وفوّض إليه ما له النظر فيه بالحرمين ، وكان ولى مباشرة الحرم قبل الأربعين وسبعمائة ، وكان الشيخ خليل المالكى ، إمام المقام ، يعظّمه كثيرا ، وأخرج عن الشيخ خليل ألف كفّارة يمين ، كان أوصى بها ، لما لم يخرجها أوصياء الشيخ خليل.
وكان شريف النّفس ، عالى الهمة ، كريما كثير المكارم ، وكان يتكلفها بالدين ، وكان حسن الشكالة ، طويلا ، وكان سافر إلى بالد التّكرور ، وحصل له فيها قبول كثير ودنيا طائلة ، وكان سفره إليها من مكة ، فى شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين ، وعاد إلى مكة فى موسم سنة تسع وخمسين ، ثم توجّه منها فى آخر سنة إحدى وستّين ، وقصد بلاد التّكرور ، وتوجه منها بعد أن حصّل دنيا ، وأدركه الأجل فى الطريق ، فى شهر رمضان سنة تسع وستين وسبعمائة ، ووصل خبره مكة فى سنة سبعين ، أخبرنى بشهر وفاته والدى ، أحسن الله إليه ورحمه.
__________________
٢١١٥ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.