ووجدت بخط الجد أبى عبد الله الفاسى : أخبرنى الفقيه أبو عبد الله محمد بن القاضى عبد الكريم الشيبانى الطبرى قال : أخبرنى الفقيه رضى الدين أبو عبد الله محمد ابن أبى بكر بن خليل ، قال : حدثنى بعض أصدقاء القاضى عبد الكريم رحمهالله ، أنه كان يعتمر كل يوم من شهر رجب وشعبان ورمضان عمرتين ، قال : فخطر له أن يترك العمرة. فخرج إلى أن وصل إلى عند جبل البكاء ، فسمع هاتفا يقول :
اعتمر كل يوم واغتنم قول لبيك |
|
الدواء يا أخى فى لا تمدن عينيك |
وهذه الحكاية تدل على أن القاضى عبد الكريم الشيبانى ، كان كثير العبادة. أنبئت عمن أنباه القطب القسطلانى ، أن القاضى كمال الدين هذا أنشده لنفسه (١) [من الطويل] :
ولما سرت من أرض سلمى نسيمة |
|
لقلبى أحيا نشرها حين حلت |
وجاءت لتهدى لى السلام فمرحبا |
|
وأهلا بها من واصل لتحية |
تقول سليمى لم يضع لك بالنوى |
|
عهود ولا اعتاضت بتلك المودة |
فقلت وأشواقى تزيد وأدمعى |
|
تجود وقد غصت جفونى بعبرتى |
أيا جيرتى جار الذى قضى عل |
|
ىّ ولم أقض حقا بجيرتى |
* * *
من اسمه عبد اللطيف
١٨٦١ ـ عبد اللطيف بن أحمد بن على بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى الشافعى ، أخى شقيقى ، الإمام الأبرع ، المفتى نجم الدين أبو الثناء وأبو بكر ، وبها كناه والده :
ولد فى الرابع عشر من شعبان ، يوم الجمعة وقت صلاتها ، سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بمكة. وكان مدة الحمل به سبعة أشهر ، وحملنا معا مع الوالدة إلى المدينة النبوية ؛ لأن خالنا قاضى الحرمين محب الدين النويرى كان بها ـ إذ ذاك ـ قاضيا.
فلما انتقل لقضاء مكة فى سنة ثمان وثمانين ، انتقلنا مع الوالدة إلى مكة ، وجوّد بها أخى حفظ القرآن ، وصلى به التراويح فى مقام الحنابلة بالمسجد الحرام ، سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ، وخطب به فى ليلة الختم خطبة حسنة ، وخطب به قبل ذلك ختمى
__________________
(١) فى التحفة اللطيفة ٢ / ٢٠٠ :
ولما سرت من أرض سلمى نسيمة |
|
لقلبى أحيا سرها حين حللت |