وقال عبد الله بن عمر ، لعمر بن أبى ربيعة : يا ابن أخى ، ما اتّقيت الله حيث قلت(٤) :
ليت ذا الدهر كان حتما علينا |
|
كلّ يومين حجّة واعتمارا |
فقال : يا أبا عبد الرحمن ، إنى وضعت ليت حيث لا يعره ، قال : صدقت.
وبينا عمر يطوف بالبيت ، إذ رأى امرأة تطوف فأعجبته ، فسأل عنها ، فإذا هى من أهل البصرة ، فدنا منها وكلّمها ، فلم تلتفت إليه ، فلما كانت الليلة الثانية تعرّض لها ، فقالت : إليك عنى أيها الرجل ، فإنك فى حرم الله تعالى ، موضع عظيم الحرمة ، فلما ألحّ عليها ومنعها من الطّواف ، أتت محرما لها فقالت : تعال معى ، أرنى المناسك ، فإنّى لا أعرفها ، فأقبلت وهو معها ، وعمر جالس على طريقها ، فلما رآها عدل عنها ، فتمثّلت بشعر الزّبرقان بن بدر السّعدى [من البسيط](٥) :
تعدو الذئاب على من لا كلاب له |
|
وتتّقى مربض المستأسد الحامى |
قال : فبلغ هذا الحديث المنصور ، قال : وددت أنه لم تبق فتاة من قريش فى خدرها ، إلا سمعت هذا الحديث.
ويروى أن يزيد بن معاوية ، لما أراد توجّه مسلم بن عقبة إلى المدينة ، اعترض الناس ، فمرّ به رجل من أهل الشام ، معه ترس قبيح ، فقال : يا أخا الشام ، مجنّ ابن أبى ربيعة ، أحسن من مجنّك ، يريد قول ابن أبى ربيعة [من الطويل](٦) :
فكان مجنّى دون من كنت أتّقى |
|
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر |
وهذا البيت من جملة قصيدة ، وهو من ظريف شعره ، ومن جملتها :
فحيّيت إذ فاجأتها فتلهّفت |
|
وكادت بمكتوم التّحيّة تجهر |
وقالت وعضت بالبنان فضحتنى |
|
امرؤ ميسور أمرك أعسر |
أريتك إذ هنّا عليك ألم تخف |
|
رقيبا وحولى من عدوّك حضّر |
فو الله ما أدرى أتعجيل حاجة |
|
سرت بك أم قد نام من كنت تحذر |
فقلت لها قادنى الشّوق والهوى |
|
إليك وما عين من النّاس تنظر |
فلمّا تقضّى الليل إلا أقلّه |
|
وكادت توالى نجمه تتغوّر |
__________________
(٤) ديوان عمر بن أبى ربيعة (١٥٢).
(٥) البيت فى الأغانى (١ / ٧٨).
(٦) ديوان عمر ٩٢ ، ووفيات الأعيان (٣ / ٤٣٨).