هاشم ، ثم قال : فلما وصل أمير الحاج ، رتب مكان قاسم بن فليتة ، عيسى بن قاسم بن أبى هاشم والصواب فى نسب عمه عيسى : عيسى بن فليتة بن قاسم ، كما ذكرنا فيهما ، وهذا مما لا ريب فيه ، لأنى رأيت هذا منسوبا فى غير ما حجر بالمعلاة ، وفى بعض المكاتيب ، وترك ابن الأثير بيان شهر رمضان ، الذى أقام إليه عيسى أمير مكة ، لوضوح السنة التى منها رمضان ، وهى سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
ومن خبر عيسى ، ولم يذكره ابن الأثير فى تاريخه ، ما وجدته بخط بعض المكيين ، وهو أنه حصل بين عيسى بن فليتة ، وبين أخيه مالك بن فليتة ، اختلاف فى أمر مكة غير مرة ، منها فى سنة خمس وستين وخمسمائة ، ولم يحجّ عيسى فى هذه السنة ، وتخلف بمكة ، وحج مالك ، ووقف بعرفة ، وبات الحاج بعرفة إلى الصبح ، وخاف الناس خوفا شديدا.
فلما كان يوم عاشوراء ، من سنة ست وستين ، دخل الأمير مالك وعسكره إلى مكة ، وجرى بينهم وبين عيسى وعسكره فتنة إلى وقت الزوال ، ثم أخرج الأمير مالك واصطلحوا بعد ذلك ، وسافر الأمير مالك إلى الشام ، وجاء من الشام فى آخر ذى القعدة ، وأقام ببطن مرّ أياما ، ثم جاء إلى الأبطح هو وعسكره ، وملك خدّام الأمير مالك ، وبنو داود جدة ، وأخذا جلبة وصلت إليها ، فيها صدقة من قبل شمس الدولة ، وجميع ما مع التجار الذين وصلوا فى الجلبة ، ونزل مالك فى المربّع هو والشرف ، وحاصروا مكة مدة أيام ، ثم جاء هو والشرف من المعلاة ، وجاء هذيل والعسكر من جبل أبى الحارث ، فخرج إليهم عسكر الأمير عيسى فقاتلوهم ، فقتل من عسكر الأمير مالك جماعة ، ثم ارتفع إلى خيف بنى شديد. انتهى بالمعنى.
وجبل أبى الحارث المذكور فى هذا الخبر ، هو أحد أخشبى مكة ، المقابل أبى قبيس ، إلى صوب قيقعان ، وباب الشبيكة بأسفل مكة.
ووجدت بخط بعض أصحابنا ، فيما نقله من مجموع للفخر بن سيف ، شاعر عراقى ، ما نصه : دخلت على الأمير عيسى بن فليتة الحسنى ، وكنت كثير الإلمام به ، والدخول عليه ، لكونه كان لا يشرب مسكرا ، ولا يسمع الملاهى ، وكان يجالس أهل الخير ، ولم ير فى سير من تقدّمه من الولاة مثل سيرته ، وكان كريم النفس ، واسع الصدر ، كثير الحلم ، فقال : أنشدنى شيئا من شعرك ، فقلت له : قد عملت بيتين الساعة فى مدحك فقال : أنشدنى ما قلت ، فأنشدته [من البسيط] :