المفتوح لم يقتضيه وقف الواقف فلا يكون مملوكا لنا ، وأيضا فمن ملك مكانا ملك تحته إلى تخوم الأرض وفوقه إلى السماء والهواء الذى فوقه مملوك له ، فالداخل من الباب متصرف فى هواء غيره بما لم يأذن له فيه فلا يجوز ، ومع ملاحظة هذين المعنيين لا فرق بين أن تكون العتبة عريضة بحيث يضع قدمه عليها أولا ، نعم إذا كانت عريضة يتأكد المنع للتصرف فى الهواء والقرار هذا الذى يترجح عندى فى ذلك ، ويحتمل عندى أيضا أن يقال المنع إنما كان لوجود الجدار وليس بمقصود فى نفسه ، فإذا زال الجدار بأى طريق فرض فلا يمتنع دخول المكان كما لو انهدم بنفسه ، واعتبار ملك الهواء بحيث يقال ليس لنا العبور إذا انهدم بنفسه لا يقتضيه قواعد الفقه ولا العرف وهو مستنكر ، فالوجه أن يقال : إنما يتخيل التحريم من جهة أنه إعانة على ظلم ، فإذا لم يكن إعانة على ظلم فهو جائز وذلك حيث لا يفيد الامتناع من الدخول ، وإنما يفيد إذا كان الممتنع مطاعا فيكون امتناعه سببا لإنكار المنكر فيجب ، وإذا لم يكن بهذه المثابة فلا منع ولا سيما قد يتفق أن يكون الشخص الذى لا قدرة له على التغيير ساكنا فى جواز الحرم فى مكان قد فتح باب كذلك وهو لا يقدر على سده ، فيحتمل جواز دخوله منه ، ويقول ذلك إذا احتاج بأن يكون فى الليل أو نحوه وخاف على نفسه أو من معه من الخروج ، فأنا أقطع فى هذه الحالة بجواز دخوله منه قياسا على الكعبة للحاجة ، وأما السكن فيه فلا يمتنع فالولد إذا تهيأ له ذلك لا يمتنع من اكترائه لهذا المعنى ، ويعتمد فى دخوله منه فى بعض الأحوال ما ذكرناه من الضرورة ، وحيث لا ضرورة فلا يدخل منه لأمرين : أحدهما ما ذكرناه ، والثانى كثرة الخطأ فى الخروج والدخول من أبواب الحرم والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما الجواب عن قوله : وهل إحداث هذا البناء فى مصلى الأئمة الأربعة جائز أو حرام؟ ومن أحدثه؟ فجوابه أن الإمام البلقينى قال فى فتاويه ما نصه : مسئلة فى مسجد الحرم المكى وصفته أنه يشتمل على فضاء متسع يحيط به أروقة على عمد مسقفة تكن الحر والبرد والمطر ، والكعبة المشرفة فى وسط ذلك الفضاء وبئر زمزم إلى جانبها مشرقة تعلوها قبة ، وقريب منها قبتان إحداهما لما يحتاج إليه الحرم من آلات يزال بها ما يطرأ بالمسجد الشريف مما ينزه عنه وما يسرج به من شموع ويبسط به من يوازى ، والثانية على فسقية لعلها مكان