وعشرين ذراعا وما تقدم من بناء العمالقة وجرهم وقصى بعد الخليل إنما هو مجرد خبر محتمل ولم يتأيد بدليل ، وعلى تقدير الصحة فلم يذكر أحد مقدار ارتفاع بنائهم مطلقا على أن الأزرقى نفسه ذكر بناء العمالقة وجرهم ولم يبين مقدار ارتفاع بنائهم ثم نقل الفاسى ـ رحمهالله تعالى ـ عن الزبير بن بكار أن قصيا بنى الكعب بناء محكما على خمسة وعشرين ذراعا وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل ثم قال فيه نظر لأنه إن أريد به أن قصيا جعل ارتفاع الكعبة خمسة وعشرين ذراعا كان مخالفا لما اشتهر من أن الخليل جعل طولها تسعة أذرع وإن أريد أن قصيا جعل عرضها خمسة وعشرين ذراعا فالمعروف أن عرضها خمسة وعشرين ذراعا فالمعروف أن عرضها من الجهة الشرقية والغربية لا ينقص عن ثلاثين فى بناء الخليل ومن الجهة الشامية واليمانية لا يبلغ خمسة وعشرين ذراعا وكل من بنى الكعبة بعد إبراهيم لم يبنها إلا على قواعده غير أن قريشا استقصرت عن عرضها فى الجهة الشرقية والغربية أذرعا فى بناء قصى على أن ارتفاع البيت فى السماء وإن كان يخالف المشهور فليس فيه دلالة لما رواه الأزرقى لنقصه ذراعين فيكون ما رواه الأزرقى مجرد رواية لم يعضدها شئ ولا يقول عليها والله الموفق انتهى.
التنبيه الثالث
اختلف فى سن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين بنت قريش الكعبة فقيل كان ابن خمسة وثلاثين وقد مر الإشارة إليه وحكى الأزرقى قولا أن النبى صلىاللهعليهوسلم لما بنت قريش الكعبة كان غلاما وهو ضعيف جدا لمخالفة المشهور وقال الحافظ : ولعل عمدته ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى قال : لما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحلم أجمرت امرأة الكعبة فطارت شرارة من مجمرها فى ثياب الكعبة فاحترقت فذكر القصة وقال التقى الفاسى : ورأيت فى منسك سليمان بن خليل المكى ما يقتضى أنه كان ابن ثلاثين سنة وهذا القول فيه غير معروف وأظن أنه سقط فى كلامه خمس من بين ابن وثلاثين والله أعلم وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن مجاهد أن ذلك قبل المبعث بخمس عشرة سنة وكذا ابن عبد الله من طريق محمد بن جبير وبه حزم موسى بن عقبة فى مغازيه والذى جزم به ابن إسحاق أن بنيان قريش كان قبل المبعث بخمس سنين قال الحافظ وهو أشهر قال : ويمكن الجمع بينهما بأن يكون الحريق تقدم وقته على الشروع فى البناء وقيل ابن خمس وعشرين وغلط قائله.