أحسبها هفهافة فصفقت الماء فأبرزت عن خشفه فى موضع البيت كأنه ، قبة فدحا الله الأرضين من تحتها فمادت فأوتدها بالجبال ، وكان أول جبل وضع فيها أبو قبيس فلذلك سميت مكة بأم القرى ـ أى : أصلها ـ والخشفه بالخاء والشين المعجمتين والفاء واحدة الخشف وهى حجارة تنبت فى الأرض نباتا ، وروى عمر بن شبة فى أخبار مكة خشعه بالعين المهملة عوضا عن الفاء وهى أكمة لا طينة بالأرض وقيل هو ما غلب عليه السهولة وليس بحجر ولا طين ويقال الجزيرة التى فى البحر لا يعلوها الماء خشفه بالفاء وجمعها خشاف هذا وتحقيق الكلام على ذلك يستدعى التكلم على تفسير قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً) قال القاضى ذات رتق أو مرتوقتين وهو الضم والالتحام أى كانت شيئا واحدا ، وحقيقة متحدة «ففتقناهما» بالتنويع والتمييز أو كانت السموات واحدة ففتقت بالتحريكات المختلفة ، حتى صارت أفلاكا ، وكانت الأرضون واحدة فجعلت باختلاف كيفياتها وأحوالها طبقات أو أقاليم ، وقيل : كانتا بحيث لا فرجة بينهما ، ففرج وقيل : كانتا رتقا لا تمطر ولا تنبت ففتقناهما بالمطر والنبات ، فيكون المراد بالسموات سماء الدنيا وجمعها باعتبار الآفاق أو السموات بأسرها على أن لها مدخلا ما فى الأمطار انتهى المقصود من كلام القاضى : «اليضاوى قال مولانا شيخى زاده فى حواشيه على القاضى قوله أو لم يعلموا إلى آخره يعنى أن الرؤية قلبية وليست بصرية لأنهم ما رأوها كذلك قال الله تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) والرتق مصدر بمعنى الضم والالتحام فقوله السموات والأرض رتق من قبيل رجل عدل ولذلك قال ذات رتق أو مرتوقتين ولم يقل كانتا رتقتين لأن المصدر لا يثنى ولا يجمع كقوله : «وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام» واختلف المفسرون فى وجه فتقهما بعد الالتحام فروى عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن المعنى كانتا شيئا واحدا ملتزما إحداهما بالأخرى ، ففصل الله تعالى بينهما ، ورفع السموات إلى حيث هى وأقر الأرض وأشار القاضى إليه بقوله كانتا لا فرجة بينهما ، وهو ما قيل أنه تعالى خلق الأرض فى موضع بيت المقدس على هيئة الفهر عليها دخان ، لازق بها فأصعد الدخان ، وخلق منه السموات وأسكن الفهر فى موضعه وخلق منه الأرض ، وبسطها ، قال كعب : خلق الله السموات والأرض ملتصقتين ثم خلق ريحا