وأسد على طيئ فأزاحوها عن دارها في الجاهلية : عوفها وجديليها (١) فكره ذلك عوف ، فقطع ما بينه وبين غطفان وتبايع الحيّان على الجلاء ، وأرسل عوف إلى الحيين من طيّىء فأعاد حلفهم ، وأقام ينصرهم ، فرجعوا إلى دورهم واشتد ذلك على غطفان وفي ذلك يقول عوف لعيينة يعني ابن حصن الفزاري :
أنا مالك إن كان سال ما ترى |
|
أنا مالك فانطح برأسك كوثرا |
وإني لحامي بين سوط وحيه |
|
كما قد حميت الحرّتين وحميرا |
وتركت حولي للأحم قوارسا |
|
وللغوث قوما دارعين وحسّرا |
فلما مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم قام عيينة بن حصن في غطفان فقال : ما أعرف حدود غطفان منذ انقطع ما بيننا وبين بني أسد ، وإني لمجدّد الحلف الذي كان بيننا في القديم ومتابع طليحة ، وو الله لأن نتبع نبيا من الحليفين أحبّ إلينا من أن نتبع نبيا من قريش.
وقد مات محمّد وبقي طليحة ، فطابقوه على ذلك ففعل ، وفعلوا ، فلما اجتمعت غطفان على المطابقة لطليحة هرب ضرار وقضاعيّ وسنان ومن كان قام بشيء من أمر النبي صلىاللهعليهوسلم في بني أسد إلى أبي بكر ، وارفضّ من كان معهم ، فأخبروا أبا بكر الخبر ، وأمروه بالحذر ، قال ضرار بن الأزور : فما رأيت أحدا ـ ليس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ أملأ بحرب شعواء من أبي بكر ، فجعلنا نخبره ، ولكأنما نخبره بما له ولا عليه ، وقدمت عليه وفود أسد وغطفان وهوازن وطيّىء ، وتلقت وفود قضاعة أسامة فحوّزهم إلى أبي بكر ، فاجتمعوا بالمدينة فنزلوا على وجوه المسلمين لعاشرة من متوفّى النبي صلىاللهعليهوسلم فعرضوا الصّلاة على أن يعفوا من الزكاة ، فاجتمع ملأ من أنزلهم على قبول ذلك حتى بلغوا ما يريدون ، فلم يبق من وجوه المسلمين أحد إلّا أنزل منهم نازلا إلّا العباس ، ثم أتوا أبا بكر فأخبروه خبرهم ، وما أجمع ملأهم إلّا ما كان من أبي بكر ، فإنه أبى إلّا ما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأخذ ، فأبوا فردهم وأجّلهم يوما وليلة ، فتطايروا إلى عشائرهم.
قال ونا سيف عن عمرو بن محمّد ، والمجالد عن الشّعبي قال : ارتدّت العرب بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم عوامّ أو خواصّ ، فارتدّت أسد (٢) واجتمعوا على طليحة واجتمعت عليه طيّىء إلّا ما كان من عدي بن حاتم ، فإنه تعلق بالصدقات ، فأمسكها وجعل يكلّم
__________________
(١) كذا ، وفي الطبري : غوثها وجديلتها.
(٢) بالأصل : لبيد.