وجوه الإبل ، فهذا كل نحى (١) في طوله فنفرت (٢) إبل المسلمين وهم عليها ولا تنفر من شيء نفارها من الأنحاء فعاجت بهم ما يملكوها ، حتى دخلت بهم المدينة ولم تصرع بمسلم ، ولم يصب ، فقال في ذلك الخطيل بن أوس أخو الحطيئة بن أوس ـ ويقال : الحطئة :
فدى لبني ذبيان رحلي وناقتي |
|
عشية يحذى بالرماح أبو بكر |
ولكن يدهدى بالرجال فهبنه |
|
إلى قدر ما إن يزيد ولا يحري |
ولله أجناد نذاق مذاقه |
|
لتحسب فيما عدّ من عجب الدهر |
وقال عبد الله الليثي ، وكانت بنو عبد مناة من المرتدة ـ هم بنو ذبيان ـ في ذلك الأمر بذي القصّة وبذي حسى :
أطعنا رسول الله ما كان بيننا |
|
فيالعبادالله مالأبي بكر(٣)يورثنابكر إذا مات بعده |
وتلك لعمر الله قاصمة الظهر |
|
فهلّا رددتم وفدنا بزمانه |
هلّاخشيتممسّراغبةالبكر(٤)وإنالتيسالوكم فمنعتم |
|
لكالتمر أو أحلى إليّ من التمر |
فظن القوم بالمسلمين الوهن ، وبعثوا إلى أهل ذي القصّة بالخبر ، فقدموا عليهم اعتمادا في الذين أخبروهم ، وهم لا يشعرون لأمر الله الذي أراده ، وأحب أن يبلّغه فيهم ، فبات أبو بكر ليلته يتهيأ ، فعبّى الناس ، ثم خرج على تعبية من أعجاز ليلته يمشي ، وعلى ميمنته النعمان بن مقرّن ، وعلى ميسرته عبد الله بن مقرّن معه ، وعلى الساقة سويد بن مقرن معه الركاب ، فما طلع الفجر إلّا وهم والعدو في صعيد واحد ، فما سمعوا للمسلمين حسّا ولا همسا حتى وضعوا فيهم السيوف ، فاقتتلوا أعجاز ليلتهم ، فما ذرّ قرن الشمس حتى ولّوهم الأدبار ، وغلبوهم على عامة ظهرهم ، وقتل حبال واتبعهم أبو بكر ، حتى ينزل بذي القصة ، وكان أول الفتح ، فوضع بها النعمان بن مقرن (٥) في عدد ورجع إلى المدينة فذل بها المشركون ، فوثب بنو ذبيان وعبس على
__________________
(١) النحى : الزق ، والطول : الحبل يشد به.
(٢) بالأصل : فتقرب ، والمثبت عن الطبري.
(٣) هذا البيت والذي يليه في الأغاني ٢ / ١٥٧ ونسبهما إلى الحطيئة.
(٤) بالأصل : «حسن راعية البكر» والمثبت عن الطبري.
(٥) بالأصل : مقرون.