بإسلامهم ، وارتحل خالد نحو الأنسر يريد جديلة ، فقال له عدي : إن طيئا كالطائر وإن جديلة أحد جناحي طيئ فأجّلني أياما ، فلعل الله أن ينتقد لك جديلة كما تنقد العرب (١) ، ففعل ، فأتاهم عدي فلم يزل عنهم وبهم حتى تابعوه ، فجاء بإسلامهم ولحق بالمسلمين منهم ألف راكب ، فكان خير مولود ولد في طيئ وأعظمه عليهم بركة.
قال : ونا سيف عن سهل بن يوسف ، عن القاسم بن محمّد قال : فخرج خالد من الأكناف إلى الغمر (٢) حتى نزل به وعليه جمع من المشركين عليهم نضلة بن خالد فهزمهم وألجأهم إلى طليحة ، وطليحة والمشركون على البزاحة يشجع لهم ويعملون بقوله ، وأقام المسلمون على العمر وانتظر أول المسلمون آخرهم فقال رجل في ذلك (٣) :
جزى الله عنا طيّئا في بلادها |
|
ومعتزل الأبطال خير جزاء |
هم أهل رايات السّماحة والنّدى |
|
إذا ما الصّبا ألوت بكل خباء |
هم ضربوا زهوا على الدين بعد ما |
|
أحابوا منادي فتنة وعماء |
رجال (٤) أتوا بالغمر لا يسلمونه |
|
وثجّت عليهم بالرماح دماء (٥) |
|
||
مرارا فمنها يوم أغلى بزاحة |
|
ومنها القصيم دورها ورعاء (٦) |
واجتمعا ، قال : وكان مما شجع لهم طليحة أن الله لا يصنع بتعفير وجوهكم ولا فتح أدياركم شيئا ، فاذكروا الله أعفة قياما ، قال سهل : ويأخذ المسلمون رجلا من بني أسد ، فأتي به خالد بالغمر وكان عالما بأمر طليحة ، فقال له خالد : حدّثنا عنه وعما يقول لكم ، فزعم أن مما أتى به : والحمام واليمام والصرد والصوام ، قد ضمن قبلكم أعوام ، ليبلغنّ ملكنا العراق والشام ، قال : وهي قال : والقرد والنيرب ، ليقتلن النيرب ، إذا صراخوكم الجندب ، والله لا نسحب ولا نزال نضرب ، حتى ينتج أهل يثرب.
قال : ونا سيف عن أبي يعقوب سعد (٧) بن عبيد قال : لما أرز أهل الغمر إلى
__________________
(١) الطبري : الغوث.
(٢) بالأصل : العمر ، بالعين المهملة والصواب عن ياقوت ، وهو ماء من مياه بني أسد.
(٣) الأبيات في معجم البلدان «غمر».
(٤) في معجم البلدان : وخال أبونا الغمر.
(٥) في البيت إقواء.
(٦) في ياقوت : ومنها القصيم ذو زهى ودعاء.
(٧) الطبري ٣ / ٢٦٠ سعيد بن عبيد.