والنحو ومجالس الوعظ وحلق الذكر ، وصار أرباب الأموال يقصدون هذا الجامع بأنواع البر من الذهب والفضة إعانة للمجاورين فيه على عبادة الله تعالى وكل قليل تحمل إليهم أنواع الأطعمة والخبز والحلويات لا سيما في المواسم. فأمر هذا الناظر في جمادى الأولى من هذه السنة بإخراج المجاورين من الجامع ومنعهم من الإقامة فيه وإخراج ما كان لهم فيه من صناديق وخزائن.
ومن هذا نرى ان الأزهر كان في ذلك الوقت فوق كونه مدرسة لطلب العلم تدرس فيها العلوم المختلفة ومسجدا للعبادة ومكانا للوعظ ، كان بجوار ذلك دارا للتصوف ، وتروي دائرة المعارف الإسلامية عن ابن إياس ان ابن الفارض الصوفي كان مقيما بالأزهر. ويروي رشيد بن غالب صاحب شرح ديوان ابن الفارض ان والد عمر بن الفارض حين امتنع أن يقبل وظيفة قاضي القضاة ونزل عن حكم القاهرة ومصر بالنيابة عن الخليفة اعتزل الناس وانقطع إلى الله تعالى بقاعة الخطابة بالجامع الأزهر ولعل ابنه كان يقيم معه بعد أن كان يعود من سياحته في جبل المقطم. وعلى كل فقد كانت المساجد والمدارس في ذلك الوقت مفتوحة للرياضة الروحية بجوار درس العلم ، وكانت المدارس والمساجد تقبل طلاب التصوف كما كانت تقبل طلاب العلم ، وتفتح صدرها لهؤلاء كما تفتح صدرها لأولئك. فمثلا البدر العيني صاحب عمدة القارىء شرح صحيح البخاري حينما حضر إلى القاهرة مع شيخه العلامة السيرامي سنة ٧٨٨ ه جعله الظاهر برقوق في عداد صوفية البرقوقية.
ونرى الأمير الكبير سيف الدين شيخو الناصري لما أنشأ مسجده جعل فيه عشرين صوفيا ، وأقام الشيخ أكمل الدين محمد بن محمود الرومي الحنفي شيخا لهم ... ثم لما عمر الخانقاه تجاه الجامع نقل الأكمل والصوفية إليها وزاد عدتهم.
ويذكر صاحب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر : ان الشيخ أحمد بن عيسى بن غلاب ، المنعوت بشهاب الدين الكلبي المالكي ، شيخ المحيا النبوي بالأزهر ، أخذ التصوف عن الشيخ الشعراني